شهد أحد أحياء العاصمة الموريتانية نواكشوط قبل سنوات ولادة قصة ملهمة لفتاة صغيرة اسمها أسماء أحمدو بمبه.. كانت في السادسة من عمرها، تحمل في عينيها بريق الطفولة، وفي قلبها شغف لا يُوصف بالرسم. بدأت خطواتها الأولى في المدرسة، مدفوعة بحماس في البداية وذكاء لفت أنظار معلميها، وموهبة فطرية في الرسم كانت تنمو معها كما تنمو الأزهار في فصل الربيع.
لكن الحياة، كما هي عادتها، لا تخلو من الابتلاءات، ففي رمضان من ذلك العام، فقدت أسماء والدها، لتدخل عالم اليُتم مبكرا. لم يكن الأمر سهلًا، لكنها واجهت بمؤازرة والدتها وأسرتها الحزن بثبات، وواصلت دراستها بنجاح، واحتضنت موهبتها في الرسم وعشقها للألوان وكأنهما نافذتها إلى عالم أجمل، يُسَرِّي عنها ألم الفَقد، ويمنحها الأمل.

جائزة سيارة الأحلام
لم تسمح أسماء لليُتم أن يُلون حياتها بالألم واليأس، بل كانت لوحاتها تنبض بالحياة، وتمتلئ بالحيوية والدفء. وذات يوم، أبهرت الجميع حين فازت بجائزة “سيارة الأحلام” التي نظمتها شركة تويوتا في موريتانيا للأطفال دون العاشرة، عن تصميم سيارة تعمل بالطاقة النظيفة وتحافظ على البيئة.
وإذا كان لكل نجاح أياد تدعم وتساند، فقد امتدت يد خير من دولة قطر عبر قطر الخيرية، لتكفلها وتدعم أسرتها التي تعيش في منزل متواضع بحي “تنسويلم”. هذه الكفالة ـ كما حدثتنا ـ لم تكن مجرد دعم مادي، بل كانت جسرا للاستقرار، ومصدرا للأمان، ومفتاحا لمواصلة التعليم وحافزا لتنمية الموهبة وتطويرها دون توقف.
تطور ملفت

وها هي أسماء اليوم تواصل مشوارها في الدراسة والتعلم بتفوق، وقد أصبحت تتقن الرسم الرقمي باستخدام الحاسوب، فأحلامها تكبر معها، وطموحاتها لا تعرف حدودا، فتاة لا ترسم بالألوان فقط، بل ترسم الأمل، وتُثبت أن اليُتم ليس نهاية المطاف، بل بداية لقصة نجاح تُلهم الجميع.