تجربة قطر الخيرية في كفالة ورعاية الأيتام

2020-12-10

تمتد مسيرة قطر الخيرية لأكثر من 38 عاماً. وقد ارتبطت انطلاقتها بالأيتام إسما ونشاطا. حيث بدأت كمبادرة تطوعية مجتمعية عام 1982، باسم “لجنة قطر لمشروع كافل اليتيم”. ثم تم تأسيسها رسميا 1992، وتحول اسمها إلى قطر الخيرية لتعمل في كافة مجالات العمل الإغاثي والتنموي، (التي تعد رعاية وكفالة الأيتام إحدى أهم ركائزها) كمنظمة غير حكومية إنسانية وتنموية دولية تستمد مقوماتها من القيم والمبادئ والموروث الثقافي والحضاري للمجتمع القطري. 



البدايات.. والمنطلقات.. والدوافع

إذ يرتبط اهتمام قطر الخيرية بالأيتام في إطار تركيزها على الهدف الأول لمنظومة أهداف التنمية المستدامة التي حددتها الأمم المتحدة، ألا وهو القضاء على الفقر. والأولويات والتحديات التي يسعى المهتمون بالتنمية المستدامة للعناية بها لتحقيق هذا الهدف وخصوصا: الحماية الاجتماعية، وبناء قدرة الفقراء على الصمود وغير ذلك.

وتبذل قطر الخيرية منذ تأسيسها مزيدا من الجهود لدعم نظم الحماية الاجتماعية في الدول التي تعمل فيها.

وتقوم بذلك انطلاقا من رسالتها الأصلية التي تؤكد على مساعدة الفئات الأكثر احتياجا، ومن رغبتها في تعزيز نظم الحماية الاجتماعية الأهلية والإسهام من تخفيف الأعباء المالية على أنظمة الحماية الاجتماعية الحكومية.

ولهذا يحتل قطاع الرعاية الاجتماعية الصدارة من حيث الإنفاق طيلة مسيرة قطر الخيرية. حيث بلغ حجم الإنفاق على هذا القطاع عام 2017 حوالي 275,614,742 ريالا قطريا بنسبة تصل لحوالي 38% مقارنة بإجمالي الإنفاق خلال نفس العام.

وقد تصل النسبة أحياناً إلى 50%. فالأيتام وأسرهم تعطى لها الأولوية من حيث الاستفادة من جميع مشاريع وأنشطة قطر الخيرية بما فيها المشاريع الموسمية والمدرة للدخل وتوفير السكن اللائق وغيرها.  

وعموما فإن النسب المئوية لسكان العالم غير المشمولين إطلاقا بأي حدود دنيا من أنظمة الحماية الاجتماعية تتوزع على النحو التالي:

  • العاطلون عن العمل 78%
  • الأشخاص ذوو الاحتياجات الخاصة 72%
  • الأطفال 65%
  • الأمهات اللواتي وضعن حديثا 59%
  • كبار السن 32%

تجربة قطر الخيرية في كفالة ورعاية الأيتام

فلسفة الحماية الاجتماعية

تقوم فلسفة قطر الخيرية في مجال الحماية الاجتماعية على التمييز بين نوعين من الفقراء، الفقراء القادرون على العمل والفقراء غير القادرين على ذلك. حيث تتوجه قطر الخيرية بخدمات التمكين الاقتصادي دعما للفقراء القادرين على العمل إيمانا منها بأن كرامة الإنسان تتحقق بالإنتاج متى كان قادرا على ذلك، وفيما يخص فئة الفقراء غير القادرين فإن قطر الخيرية تميز بين عدم القدرة الظرفية سواء بسبب السن أو المرض أو الإعاقة المؤقتة مثل الأطفال أو النساء الفقيرات بعد الولادة، وبين عدم القدرة الدائمة بسبب العجز عن العمل لأي سبب من الأسباب مثل كبار السن وذوي الإعاقة الشديدة.

وتوفر قطر الخيرية خدمات الرعاية الاجتماعية لفئات المحتاجين غير القادرين مؤقتا من خلال إدماجهم في نظم الحماية التي تموّلها. حيث تهدف من خلال هذا الدعم إلى تمكينهم على المدى المتوسط أو البعيد من الاعتماد على أنفسهم كتعليم الأطفال الأيتام وتدريبهم عبر نظام الكفالات، أو مساعدة النساء الأرامل إلى حين تمكّنهم من إقامة مشروع مدرّ للدخل.

أما المحتاجين غير القادرين بشكل كامل فتعمل قطر الخيرية على دمجهم في نظم حماية اجتماعية دائمة مثل الكفالات المتواصلة. 

وقد تطوّر العمل في الرعاية والكفالة عبر ثلاثة عقود خلت كمّا ونوعا، حتى أصبحت قطر الخيرية من أكبر مظلات الأيتام عبر العالم في السنوات الأخيرة. كما نفذت عددا من المشاريع النوعية المهمة لصالح هذه الشريحة. وسجّل مكفولوها المئات من قصص النجاح عبر العالم، كثمرة لهذا الاهتمام والتطوّر الذي صاحبه.  

المنعطفات المهمة ومحطات التطوير الرئيسة في مسيرة كفالة الأيتام

شهدت كفالات الأيتام في قطر الخيرية تطورا كميّا ونوعيّا وحققت عددا من القفزات المهمة خلال مسيرتها الممتدة. ويمكن استعراض أهم المحطات المرتبطة بذلك وفقا لما يلي:

البداية

أول نشاط لقطر الخيرية على الإطلاق بدأ بكفالة الأيتام، ثم اتسع لمجالات أخرى بعد ذلك.

التوسع في الكفالات

لتغطي أيتام مناطق تعاني من الأزمات ودولا فقيرة، وليصل عدد الكفالات في العام الثاني للانطلاقة بنحو 1000 كفالة. فيما بلغ حتى نهاية 2019 حوالي 162,000 مكفول (بينهم 145,000 يتيم).

وفي الفترة من عام 2016 ـ 2019 بلغ إجمالي عدد المستفيدين من الرعاية الاجتماعية: 11,12,964 شخصا، بقيمة بلغت: 1,177,076,096 ريالا قطريا. ويتضمن ذلك قيمة الكفالات الشهرية لكل يتيم، إضافة إلى المشاريع الداعمة لهذه الشرائح كالمشاريع الموسمية (مثل كسوة العيد وعيدية الأيتام والإفطارات والأضاحي وزكاة الفطر ومشروع “أمنيتي و”عاون”).  

وقد بلغ إجمالي من كفلتهم قطر الخيرية منذ تأسيسها وحتى نهاية 2019 أكثر من 280,000 يتيم (سنّ الكفالة يمتد حتى إتمام 18 عاماً). 


تجربة قطر الخيرية في كفالة ورعاية الأيتام
مراكز رعاية الأيتام تحت إشراف ومتابعة قطر الخيرية

إنشاء مراكز نوعية لرعاية وكفالة الأيتام تشرف عليها قطر الخيرية

في عدد من الدول التي تعمل فيها. وتتضمن أقساما داخلية للطلبة المكفولين إضافة لمرافق أخرى مثل: (مدرسة، وحدة طبية أو مستوصف، وملاعب.. الخ).

وقد بدأت تشييد مثل هذه المراكز في بنغلاديش اعتبارا من عام 1994، كمركز غوداغاري، ومركز خبيب بن عدي. وقد تخرّج من هذه المراكز عشرات الآلاف من الطلبة، وانتفع من خدماتها سكان المناطق التي أقيمت فيها.  

وتطور الأمر إلى بناء وتشييد مدن نموذجية للأيتام مثل مدينة الشيخة عائشة بنت حمد بن عبد الله العطية النموذجية (رحمها الله) لرعاية الأيتام بالسودان، المقامة على مساحة 200 ألف متر مربع، وتضم 200 منزلا لأسر الأيتام إضافة إلى المرافق الأساسية.

إنشاء إدارة للرعاية الاجتماعية تشرف وتتابع الكفالات

إضافة إلى تخصيص مسؤول وموظفين لمتابعة الأيتام في كل مكتب من مكاتبها الميدانية ومشرفين ميدانيين عليهم نظرا للتوسع في عدد المكفولين. وقد كان الأمر في البداية يقتصر على قسم للأيتام فقط وعدد قليل من الموظفين في المركز والمكاتب الميدانية.

الاهتمام بأسر الأيتام وتحسين أوضاعهم والارتقاء بقدراتهم

حيث تعطى الأولوية لهم في توفير مشاريع مدرة للدخل لمن تتوفر فيه القدرة على ذلك. ومنحهم كذلك كفالات طلاب العلم عند وصول الأيتام المتميزين دراسيا إلى المرحلة الجامعية حال توفرها.

إضافة إلى مساعدات أخرى ذات طبيعة موسمية مثل كسوة العيد وصدقة الفطر والأضاحي والحقيبة المدرسية، إضافة للمسكن الاجتماعي.


تجربة قطر الخيرية في كفالة ورعاية الأيتام
الإرتقاء بجودة رعاية المكفولين عبر إسعادهم وتحقيق أمنياتهم

تحقيق أمنيات الأيتام المكفولين

كما تتيح قطر الخيرية الفرصة لتحقيق أمنيات الأيتام المكفولين الخاصة لمن يرغب من كافليهم، نظرا لأن مبالغ الكفالة غالبا لا تفي بكل متطلبات أسر الأيتام. ومن هذه الامنيات شراء نظارة أو إجراء عملية جراحية أو جهاز كمبيوتر للأيتام وغيرها. فضلا عن مساعدات دورية أخرى مثل ترميم البيوت.. الخ

رعاية وكفالة الأيتام القائمة على الشراكات المحلية والدولية

توسيع شبكة الشراكة والتعاون على المستويات المحلية والإقليمية والدولية من خلال اختيار واعتماد جمعيات شريكة وتوقيع اتفاقيات شراكة مع مختلف الفاعلين الدوليين في مجالات عمل الطفولة والاهتمام بشؤونها من وكالات الأمم المتحدة والمؤسسات والمنظمات الدولية الحكومية وغير الحكومية، من أجل التنسيق وتوسيع شبكة التغطية للمشمولين بنظم الحماية الاجتماعية وترشيد وتنمية الموارد وتبادل التجارب والخبرات.


كفالة ورعاية الأيتام وتطبيقاتها في عصرنا الحاضر
إقرأ أيضاً : كفالة ورعاية الأيتام وتطبيقاتها في عصرنا الحاضر

إطلاق مبادرة رفقاء لرعاية الأيتام عبر العالم

تم إنشاؤها لتكون من أكبر مظلات كفالة الأيتام في العالم. دشنت في 31 ديسمبر 2013.

من الناحية النوعية

ركزت المبادرة على:

  • تحقيق الريادة في تحقيق مفهوم التكافل الاجتماعي بما يخدم الإنسانية ويحقق التنمية الاجتماعية المستدامة.
  • تغيير مفهوم الكفالة الشهرية التقليدية التي يتلقاها الطفل اليتيم عن طريق تطوير برامج الرعاية المتكاملة والتي تشمل الرعاية في الجوانب الاجتماعية والصحية والتعليمية.

من الناحية الكمية

حققت المبادرة زيادة لافتة للأنظار في عدد المكفولين. فقد كان عددهمقبل إطلاق المبادرة (نهاية عام 2013) ما يقارب من 28.500 يتيم. فيما وصل حتى نهاية عام 2019 حوالي162.000 مكفول (بينهم 145,000 يتيم)، أي بزيادة تقدر بـ 116,500 يتيم، وبنسبة زيادة وصلت إلى أكثر من (5 أضعاف). ويقدر عدد من تكفلهم قطر الخيرية حوالي 3 أيتام كل ساعة.

التحوّل الرقمي وتسهيل عملية إجراء الكفالات

ويندرج ذلك في إطار التحول الرقمي الملحوظ لقطر الخيرية في مجالات عملها منذ 2012، سواء فيما يتعلق بجمع التبرعات عبر التطبيقات والمواقع الإلكترونية والأجهزة الذكية المنتشرة في أنحاء الدولة. بالإضافة إلى تعزيز التواصل مع جمهورها والمستفيدين من خدماتها عبر العالم. حيث صار بالإمكان كفالة يتيم بحسب رغبة المتبرع من خلال هذه التقنيات ودفع قيمة الكفالة له خلال دقائق. كما أصبح بالإمكان حصول الكفيل على تقرير دوري عن اليتيم المكفول بيسر وسهولة.


من كتاب “رفقاء … أكبر عائلة في العالم” – سلسلة غراس رقم (11) – قطر الخيرية (بتصرف).

مواضيع ذات صلة

تعليقات

اترك أول تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.