رمضان شهر الدعاء

2022-03-29

الدعاء شأنه عظيم في ديننا. به تُستجلب النعم، وتُستدفع به النِّقَمُ بمثله. حصن المؤمن الحصين الذي أقره الله سبحانه وتعالى، عبر توحيد الله وإفراده بالتوسل والعبادة دون سواه. وشهر رمضان من الأوقات والمناسبات المباركة، التي يتقرب فيها العبد إلى ربه بسائر القربات، وعلى رأسها الدعاء، مظانَّ الإجابة خلال هذا الشهر المبارك.


ستتعرف عبر مقال “رمضان شهر الدعاء” على:


أهمية الدعاء في رمضان

من فَضائل هذا الشَّهر المبارك أنَّ دعوة الصائم فيه مستجابة، لحديثِ أبي هريرة – رضي الله عنه – عن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم: (ثلاثٌ لا تُرَدُّ دعوتُهم: الصائم حتى يُفطِر، والإمامُ العادل، ودعوةُ المظلوم.) (صحيح، رواه الترمذي وابن ماجه).

لذلك يحرص الصائم وهو يهجر شهواته مرضاة لله في رمضان على ما ينفعُه وما يكشف عنه ضُرَّه، عبر إظهار افتقاره إلى الله، والتبرؤ من الحول والقوة، تحقيقاً لعبوديته سبحانه.

ومما يفسر مكانة الدعاء وعلو شانه في رمضان هو ختم آيات الصيام بالحثّ على الدعاء. قول الله عز وجل: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) (البقرة: 186).

فجاءت هذه الآية الكريمة وهي مختصة بالدعاء متوسطة لآيات الصيام ومحفوفة بها. بين قوله تعالى :(شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ)، وقوله عزَ من قائل: (أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ).

ولعل في ذلك ما يدل على عظم قدر الدعاء وأهميته في شهر رمضان ؛ لأن العبد في هذا الشهر المبارك يملؤه الرجاء أن يوفقه الله للقيام بحق الله في هذا الشهر على أتم الوجوه وأكملها ؛ ولا سبيل له إلى ذلك إلا بسؤال الله ودعائه، عبر والانكسار بين يديه والتضرع له. فقد يصدر عن العبد نقص أو تقصير أو تفريط، لتأتي فرصة رمضان ليرغب في التوبة ومغفرة الذنوب. ولا سبيل إلى ذلك إلا بالدعاء.

من فضائل الدعاء

للدعاء فضائل وأسرار لا تعد ولا تحصى منها:

  • الدعاء عبادة: قال عليه الصلاة والسلام: (الدعاء هو العبادة). (رواه الترمذي وقال: حسن صحيح، ورواه ابن ماجه، وصححه الألباني.).
  • سبب لدفع غضب الله: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من لم يسألِ اللهَ يَغْضَبْ عليه). (أخرجه أحمدُ، والترمذيُّ، وابن ماجةَ، وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي، وحسنه الألباني.)
  • الدعاء سبب لانشراح الصدر، وتفريج الهم، وزوال الغم، وتيسير الأمور.
  • دليل على حسن التوكل على الله: عبر اعتماد القلبِ على الله، والأخذ بالأسباب المشروعة. فالداعي مستعينٌ بالله، مفوضٌ أمرَهُ إليه وحده.
  • دليل الكياسة والسلامة من العجز: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (أعجز الناس من عجز من الدعاء، وأبخل الناس من بخل بالسلام). (رواه ابن حبان، وصححه الألباني.).
  • ثماره مضمونة: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ما من أحد يدعو بدعاء إلا آتاه الله ما سأل، أو كفّ عنه من سوء مثلَه؛ ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم). (رواه أحمد والترمذي، وحسنه الألباني).
  • دفع البلاء قبل نزوله ورفعه بعد نزوله: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يغنى حذرٌ من قدرٍ، وإن الدعاءَ ينفع مما نزل ومما لم ينزل، وإن الدعاء ليلقى البلاءَ فيعتلجان (أي يتصارعان ويتدافعان) إلى يوم القيامة) (أخرجه الطبراني وقال الحاكم: صحيح الإسناد.)
  • ملجأ المستضعفين والمظلومين. فالعبد الذي انقطعت عليه السبل والأسباب، وأغلقت في وجهه الأبواب، رفع يديه إلى السماء، وبث شكواه إلى رب الأرباب طلباً للحق والعزة ولو بعد حين.


شروط وآداب الدعاء

للدعاء شروطٌ وآداب لابد من توافرها حتى يكون مستجاباً ومقبولاً عند الله. من أهمها:

  • يقين الداعي بأن الله وحده هو القادر على إجابة الدعاء. لذلك وجب ألا يدعو مع الله أحداً سواه لأن في ذلك شرك بالله.
  • عدم استعجال الإجابة وحسن الظن بالله وحضور القلب أثناء الدعاء.
  • ومن حسن التأدب مع الله أثناء الدعاء خفضُ الصوتِ، وتخيّر جوامعَ الدعاء. ومحاسنَ الكلامِ، وأن يتجنب التكلفَ، والسَجْعَ، وأن يبدأ الداعي بنفسه، وأن يدعو لإخوانه المسلمين.
  • أن يبتعد الداعي موانع إجابةَ الدعاء، منها أكل الحرام، سواء عن طريق الربا أو الغش أو غيرهما. ففي “صحيح مسلم” أنَّ الرسولَ – صلَّى الله عليه وسلَّم – ذكَر الرجل يُطِيلُ السَّفر، أشعث أغبر يمدُّ يدَه إلى السَّماء: يا رب، يا رب، ومطعَمُه حَرامٌ، ومَشرَبُه حرامٌ، ومَلبَسُه حرامٌ، وغُذِيَ بالحَرام، فأنَّى يُستَجاب لذلك؟!
  • ومن الآداب كذلك أن يكون الدعاء كاملاً، ومنها الثناءُ على الله قبل الدعـاء، والصلاة ُعلى النبي صلى الله عليه وسلم والإقرارُ بالذنب، والاعترافُ بالخطيئة، والتضرعُ، والخشوعُ، والرغبةُ، والرهبةُ، والجزمُ في الدعاءِ، والعزمُ في المسألة، والإلحاحُ بالدعاء، والدعاءُ في كل الأحوال، والدعاءُ ثلاثاً، واستقبالُ القبلة، ورفعُ الأيدي، والسواكُ، والوضوءُ، واختيارُ الاسم المناسبِ أو الصفةِ المناسبةِ كأن يقول: يا رحمن ارحمني، برحمتك أستغيث.

مواضيع ذات صلة

تعليقات

اترك أول تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.