العمل التطوعي بين جيلي الشباب والرواد

2021-06-22

فكر وثقافة العمل التطوعي هو فطرة بشرية. كما أنه جزء من عاداتنا وتقاليدنا التي ورثناها عن الآباء والأجداد وهو السبيل والنبراس لضمان استقرار ووحدة وازدهار أي مجتمع. ويقوم العمل التطوعي على مساعدة الغير بغض النظر عن عرقه أو دينه أو لونه كما يعتبر أسلوب حياة نمارسه جميعاً. لأن تعاليم ديننا الحنيف تحث على التطوع وبذل الخير والعطاء. قال تعالى {فمن تطوع خيراً فإن الله شاكر عليم}، وقال عز وجل: {وافعلوا الخير لعلكم تفلحون}.



 وميدان العمل التطوعي ميدان رحب فسيح، وصوره كثيرة لا تنحصر، فهو كالبستان المليء بالأشجار المثمرة، كما وصفه نبينا الكريم في الحديث النبوي: «كل معروف صدقة». كما حرص الإسلام على توجيه طاقة الإنسان للخير والبناء والبذل والعطاء، والحضّ على قيم المروءة والشهامة والنجدة والكرم والجود والإيثار.

علامة تحضر المجتمعات تقاس بالعمل التطوعي

والعمل التطوعي لا يرتبط بسن أو فئة معينة. فهو مجال واسع يضم كافة أطياف المجتمع بكل فئاته العمرية. حتى المتقاعدين منهم الذين تتوفر لديهم الخبرة والتجربة والكفاءة والوقت. مما يثري العمل التطوعي ويساهم في تعزيز ونشر الفكر التطوعي في المجتمع. وليس صحيحا أن سن التقاعد هي نقطة توقف عن البذل والعطاء بل على العكس تماما فعندها تبدأ رحلة جديدة للعطاء. فالإنسان عند سن التقاعد يكون قد مر بالعديد من التجارب واجتاز العديد من العوائق وشعر بحلاوة الفوز والنجاح وذاق مرارة الهزيمة. مما يكسبه خبرات لازمة لنقلها إلى الشباب والأبناء، لتعود بالنفع على الجميع. فمن أبرز السمات التي تقاس بها إنسانية المجتمع هو مدى انتشار وتفهم أفراد المجتمع ومؤسساته لأهمية التطوع وفوائده التي تعود على الجميع بالنفع وتساهم في وحدة وصلابة المجتمع.


د. يوسف علي الكاظم رئيس الاتحاد العربي للعمل التطوعي
د. يوسف علي الكاظم رئيس الإتحاد العربي للعمل التطوعي

المتقاعدون وخطط برامج التطوع

لقد انتبهت وحدة الرواد للعمل التطوعي إلى أهمية مشاركة المتقاعدين في العمل التطوعي في دولة قطر. فهم كنز من الخبرات والطاقات التي يجب استغلالها لتعود بالنفع على الجميع. وقد بدأنا منذ فترة في بلورة استراتيجية وخطة عمل تهدف الى دمج تلك الفئة الهامة في الحركة التطوعية في قطر. حيث كانت بداية تلك الخطوات تدشين شعار الرواد للعمل التطوعي في الخامس من ديسمبر وهو التاريخ الذي يحتفل به العالم تأكيداً وتوثيقاً لفكر وثقافة العمل التطوعي.

وقد شرعنا في وضع بعض الخطوات لدمج تلك الفئة في الحركة التطوعية في قطر. ومن أبرز الأنشطة والفعاليات، إقامة ندوات ومحاضرات يقدمها متقاعدون للشباب بهدف نقل الخبرات من جيل الى جيل. إضافة إلى تنظيم ندوات تجمع بين الرواد والشباب لتبادل الرؤى والافكار الميدانية، وإقامة ورش عمل بالمدارس والجامعات لتأهيل وتدريب الشباب في برامج ومشاريع للنهوض بحركة العمل التطوعي. فضلا عن مرافقة بعض الشخصيات الهامة خلال الفعاليات العالمية والدولية داخل قطر ككأس العالم لكرة القدم 2022 لما تتمتع به تلك الفئة من خبرات وكفاءة وتحمل للمسئولية، بالإضافة لشبكة واسعة من العلاقات العامة التي اكتسبوها من خلال عملهم.



العمل التطوعي مسيرة حياة جديدة للمتقاعدين

ومن الفوائد الكبيرة للعمل التطوعي خاصة للمتقاعدين إقامة صداقات وشراكات جديدة وتعزيز العلاقات القائمة واللقاء بأشخاص جدد بالإضافة إلى تعزيز بعض المهارات الاجتماعية وذلك من خلال القيام بنشاط مشترك مع الآخرين وتجربة الأشياء الجديدة التي لم يكن في الامكان تجربتها أثناء العمل الوظيفي ومشاغل الحياة اليومية ومسئولياتها بالإضافة. الى إحساس الفرد بأهميته والشعور بالتقدير والامتنان من المحيطين به، فهذا هو أفضل تقدير وتكريم للإنسان بعد رحلة مليئة بالعطاء، فالسعادة والتطوع وجهان لعملة واحدة. كما أن للعمل التطوعي ومساعدة الآخرين تأثيرا كبيرا في تعزيز الراحة النفسية وتحسين المزاج والحد من التوتر والقلق لدى المتطوع. كما يساعده على التخلص من الاجهاد والغضب والقلق والحد من الاحساس بالوحدة خاصة للمتقاعدين الذين فقدوا أزواجهم فالعثور على هدف وطموح جديد في الحياة من خلال مساعدة الآخرين يمكن أن يقلل من التفكير في الهموم، ويضفي الحماس والسعادة على الحياة ففي النهاية أنت في الحياة تسمو بقدر ما تعطي لا بقدر ما تأخذ.


بقلم د. يوسف علي الكاظم: رئيس الإتحاد العربي للعمل التطوعي
ملاحظة: المقال يعبر عن رأي الكاتب ولا يعكس بالضرورة وجهة نظر قطر الخيرية.

المقال منشور في العدد 24 من مجلة غراس

يمكنك تحميل نسختك الآن أو الإطلاع على مقالات أخرى من المجلة

مواضيع ذات صلة

تعليقات

اترك أول تعليق