شتاء الخليج قديمًا .. قصة تُروى على ألسنة أجدادنا

شيخة محمد السبيعي
2020-12-03

كثيرًا ما نسمع على ألسنة أجدادنا وجداتنا مصطلحات قد لا نفهم معناها أو من أين جاءت، يتذكرونها إذا حلت مناسبة أو دخل موسم جديد. وفي مثل هذه الأيام من موسم الشتاء في بلدنا وعموم منطقة الخليج، تتردد على مسامعنا مصطلحات مثل (برد البطين، الوسمي، برد العجوز، المربعانية) وغيرها من الكلمات التي توارثناها منذ زمنٍ بعيدٍ جدًا.  فهل تساءلنا يومًا عن سبب تسميتها بهذا الاسم ومن أين جاء أجدادنا بتلك المصطلحات ؟

لنبدأ بالوسمي. فالوسمي هو موسم هطول أمطار الشتاء وظهور نباتات يشتهر بها الخليج مثل الفقع. ويمتد هذا الموسم من منتصف أكتوبر وحتى ديسمبر في فترة تصل إلى اثنين وخمسين يوماً.

أما المربعانية، فهو موسم بداية دخول الشتاء في الخليج في شهر ديسمبر. وسمي كذلك لكونه يستمر أربعين يوماً. يكون الشتاء فيها في أوجه. ويشيع هذا المسمى في منطقة الخليج وبلاد الشام، ويعبر عن الفترة ذاتها.

ومن ثم برد البطين. ويُطلق على الموسم الأشد بردًا خلال السنة ويبدأ من يناير إلى فبراير.


كيف كان الشتاء قديمًا؟ قصة شتاء الخليج .. تُروى على ألسنة أجدادنا
الميزاب التقليدي الذي كان يثبته الأجداد في أعلى منازلهم لصرف مياه الأمطار

وينتهي فصل الشتاء بـ “برد العجوز” أو في رواية أخرى “ضربة العجوز” .. وهو المصطلح الأكثر شهرة. فما القصة وراءه؟
التسمية قديمة جدًا. تعود لقصة صارت مثلاً. رواها بعض الأقدمين عن عجوز لديها خراف قامت بجز صوفهم عندما شعرت بالدفء. لتفاجئ بقدوم هذه الأيام وبردها الشديد المفاجئ. لتتسبب في موت خرافها من شدة البرد. وهناك من يتوارد أن هذه الأيام لم تقضي فقط على الخراف ولكنها كانت أيضًا سببًا في موت العجوز نفسها.

رغم أننا في شبه الجزيرة العربية قليلًا ما تصادفنا أيام مفاجئة شديدة البرودة أو مواسم برد طويلة تتعطل فيها الحياة نتيجة الثلوج والأمطار، إلا أن تاريخ أجدادنا يشير إلى أنهم كابدوا أيامًا ثقال من البرد القارص والأوقات الصعبة المؤلمة. خاصة في أزمنة كان الحال فيها بسيطاً، وكل ما يملكونه: ميزاباً يصرف مياه المطر عن أسطح يجتهدون في صيانتها قبل موسم المطر بما يتيسر.


كيف كان الشتاء قديمًا؟ قصة شتاء الخليج .. تُروى على ألسنة أجدادنا

شكر الله على نعمة الدفء

بينما نحمد الله ونشكره في موسم الشتاء على الأجواء التي نشتاق إليها ونفرح بها. ونحن نجتمع مع الأهل والأصدقاء في العنن أو وسط الزرع. وحول “شبة الضو” وأصوات احتراق الحطب مع هدير الرياح. أو رائحة المطر والأرض المبتلة. ونستدفع برد الليل بعباءة الفرو والجوخ. نستذكر صبر أجدادنا وأيامهم القاسية، ونستحضر حال كثيرين حولنا أو بقربنا، ممَن أرهقهم الفقر أو أُجبروا على النزوح. ناهيك عن أبناء الأسر المتعففة وأصحاب العوز والحاجات في بقاع شتى من هذا العالم. وهم لا يزالون يقاسون أيامًا طوالاً في مواجهة البرد والصقيع في كل عام، مفتقدين سُبل التدفئة والتدابير الوقائية التي قد تكون سببًا في حياة أبنائهم واجتياز هذه الأيام بسلام.

لنبادر بُحب ورحمة لنتقاسم الدفء مع كل أولئك الذين هم في أشد الحاجة لمثل هذه المشاريع الإنسانية وما تقدمه من دعم غذائي وصحي، وما توفره من مأوى وسُبل التدفئة من البطانيات والمدافئ والكسوات.. إيمانًا وسعيًا لتحقيق حياةٍ كريمة للجميع.

شيخة محمد السبيعي
يعبر المقال عن رأي الكاتب ولا يعكس بالضرورة وجهة نظر قطر الخيرية.

مواضيع ذات صلة

تعليقات

اترك أول تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.