ما إن ينتهي رمضان وما صاحبه من عبادة، وسعة في الرزق، ثم احتفال بعيد الفطر، حتى يأتي ذو الحجة بنفس النسق… فتحل علينا البركات ويحدونا الشوق إلى البيت العتيق والوقوف بعرفة، ونحتفل بعيد الأضحى المبارك فتزداد الفرحة مع أيام أكل وشرب وذكر لله تعالى، فما أحسن الدين والدنيا إذا اجتمعا. شهر ذي الحجة من الأشهر الحرم، والعشر الأولى منه أيام مباركة وهي أيام فرح وسرور، وتوسعة على فقراء المسلمين ومساكينهم ولها فضل عظيم.
جدول المحتويات
فضل عشر ذي الحجة
تُعدّ عشر ذي الحجة من أعظم أيام السنة، وقد أقسم الله بها في قوله: ﴿وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ والشفع والوتر﴾، وهي أيام مباركة تتضاعف فيها الأجور، ويُستحب فيها الإكثار من الطاعات كالصلاة، وقراءة القرآن، والذكر، والصيام، والصدقة، وصلة الرحم.
وهي فرصة عظيمة للتقرب إلى الله، فقد ورد في الحديث الصحيح عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي ﷺ قال: “ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام”، قيل: ولا الجهاد؟ قال: “ولا الجهاد، إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء”.
ومن أعظم هذه الأيام: يوم عرفة، وهو اليوم التاسع، ويُستحب صيامه لما فيه من تكفير سنتين، كما في حديث أبي قتادة. أما يوم النحر، فهو اليوم العاشر، وهو يوم عيد الأضحى، ويُعد من أعظم الأيام عند الله.
كما أن الصدقة كذلك من الأعمال المستحبة في هذه الأيام وفي غيرها لكن أجرها يزداد بعظم الزمان والمكان، وكذلك تعهد الجيران..
الصدقة للجيران
يروى أن امرأة حاملا اشتهت لحمًا شمّت رائحته من بيت الجيران، فطلب لها زوجها منهم شيئًا من اللحم، فأخبروه أن أبناءهم الأيتام لم يذوقوا اللحم منذ عام، وما شمّته زوجته كان من جيفة أكركم الله اضطروا لأخذها، فاستحى الرجل، واشترى لزوجته لحمًا، وتصدّق بثمن الحج -الذي كان على أهبة الاستعداد له- على الجيران.
فالعبرة من هذه القصة هي ضرورة تعهد الجيران والتصدق على فقرائهم، وبين السطور تقرأ أن من الجيران من لا يزال يحتفظ بماء وجهه.. (.. يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُم بِسِيمَاهُمْ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا..) سورة البقرة 273
أخي الفاضل اجعل أضحيتك فرحة للأطفال، وسعادة أمٍّ، وإضافة لحم لسُفرة لم تعرفه منذ عام..
صيام تسع ذي الحجة
يُستحب صيام الأيام التسعة الأولى من ذي الحجة، أما يوم العيد فصيامه محرم. كما يُستحب الإكثار من التكبير والتهليل والتحميد، خاصة في هذه الأيام، وهو من أفضل الأعمال، كما جاء في الحديث: “ألا أنبئكم بخير أعمالكم…؟ ذكر الله”.
الأضحية وآدابها
الأضحية سنة مؤكدة، مسافرا كان أو مقيما ويُستحب لمن أراد أن يضحي أن لا يأخذ من شعره أو أظافره شيئًا ابتداء من أول ذي الحجة حتى يذبح، كما ورد في حديث أم سلمة، فإن ترك ذلك فلا يضره ولا يؤثر على أضحيته، ويجوز الاشتراك في الأضحية إذا كانت من الإبل أو البقر، ويجزئ السُّبع منها، أما الشاة فلا تجزئ إلا عن واحد.
الذبح والتقرب
الذبح عبادة عظيمة، ويكون قربانًا في الأضحية والعقيقة والهدي، أما ما عداها فحسب نية الذابح، فإن قصد بها الصدقة أو الإحسان فهي قربة أيضًا.
توكيل الجمعيات الخيرية على ذبح الأضحية
الذي عليه العلماء أنه يجوز توكيل الجمعيات الخيرية وغيرها على ذبح الأضحية وتوزيعها، وإن كان الأفضل للمضحي أن يتولى ذلك بنفسه، وثمت مصلحة أخرى ترجح جواز توكيل الجمعيات وهي الحاجة الماسة لإخواننا المحتاجين في مختلف دول العالم..
وهنا يحسب لقطر الخيرية أنها نصبت نفسها همزة وصل بين المحتاجين والمتبرعين فوفرت الأضاحي للعديد من دول العالم وفتحت المجال للمتبرعين الذين لم يخيبوا الآمال فكانوا عند حسن الظن.
مَن ظَنَّ بِاللَهِ خَيراً جادَ مُبتَدِئاً = “وَالشكر مِن حسن” ظَنِّ المَرءِ بِاللَهِ
وقت الأضحية
المعتمد عند الحنابلة أن وقت الذبح يبدأ بانقضاء أول صلاة عيد في البلد، ومن المعلوم أن استقبال الجمعيات لتبرعات الأضاحي في وقت مبكر لا يضر بل هو المصلحة لتوفير الوقت اللازم لإيصالها لكن الذبح سيكون في الوقت المناسب.