في عالم تتسارع فيه التكنولوجيا، تبرز قطر الخيرية كنموذج ملهم في توظيف الذكاء الاصطناعي (Artificial Intelligence) لخدمة الإنسانية. من خلال استراتيجية رقمية طموحة، تعيد المؤسسة رسم ملامح العمل الإنساني والتنموي، لتصبح أكثر كفاءة، شفافية، وتأثيرًا.
جدول المحتويات
الذكاء الاصطناعي هو تقنية تمكن الآلات من محاكاة الذكاء البشري. يلعب الذكاء الاصطناعي دورًا حيويًا في مختلف القطاعات مثل الرعاية الصحية والمالية والتعليم. يمكن للذكاء الاصطناعي تحليل كميات كبيرة من البيانات بسرعة ودقة، مما يجعله أداة أساسية للمنظمات الحديثة.
رؤية عالمية… وتقنية متقدمة
تعمل قطر الخيرية في أكثر من 70 دولة، وتنفذ مشاريع حيوية في مجالات التعليم، الصحة، والتمكين الاقتصادي. واليوم، تعزز هذه الجهود ببنية تحتية رقمية متكاملة تشمل:
- خدمات سحابية متقدمة عبر مايكروسوفت أزور (Microsoft Azure)، تجمع البيانات والخدمات المتصلة بها في بيئة واحدة.
- أنظمة مؤسسية مثل إدارة علاقات العملاء، نظام تخطيط موارد المؤسسة (ERP)، الموارد البشرية (HR)، الحوكمة والمخاطر والامتثال (GRC)، ونظام إدارة التعلم (LMS).
- أدوات تعاون وإنتاجية تربط آلاف المستخدمين في المقر الرئيس والمكاتب الميدانية.
- لوحات معلومات ثرية توفر تحليلات ذكاء أعمال تشتمل على أكثر من 300 لوحة متقدمة تغطي كافة مجالات إدارة العمل الخيري
- أمن سيبراني متقدم تحمي الأنظمة المكتبية، وتحد من تسرب البيانات (DLP)، وتوفر منصة متقدمة للكشف والاستجابة الموسعة للأحداث، إضافة إلى أنظمة كشف الثغرات.
- تطبيقات جوال متطورة مثل تطبيق قطر الخيرية، تطبيق زكاتي، تطبيق الأقربون، وتطبيق أيامي، وعدد آخر من التطبيقات قيد التطوير.
- أدوات تسويق رقمي غنية ومؤتمتة ومتقدمة تقنياً تكتشف فرص تحسين الأداء وتوفير النفقات وتعزز الوصول الرقمي للداعمين.
هذه المنظومة التقنية المتكاملة تمكّن قطر الخيرية من تقديم خدمات إنسانية أكثر دقة وفعالية، وتفتح آفاقًا جديدة للابتكار في العمل الخيري.
الذكاء الاصطناعي: من المفهوم إلى التطبيق
الذكاء الاصطناعي ليس مجرد تقنية، بل أداة استراتيجية للمؤسسات. وهو ليس مجرد دردشة مع برنامج تولد لك نصوصاً تبهرك، إنه يتجاوز ذلك فهو يُستخدم في:
- تحليلات تنبؤية لتوجيه الموارد إلى المناطق الأكثر احتياجًا.
- أدوات تواصل ذكية تسهّل التنسيق بين الفرق الميدانية.
- تعلم آلي لمتابعة نتائج المشاريع وقياس الأثر.
- أتمتة المهام الإدارية لتوفير الوقت والجهد.
ركائز استراتيجية الذكاء الاصطناعي في قطر الخيرية
تستند قطر الخيرية إلى ركائز متينة في رحلتها نحو توظيف الأدوات الذكية في خدمة التنمية:
1* الوصول إلى البيانات وتطوير البنية التحتية الآمنة
وهي أهم ركيزة. وهنا يتم التحقق من تطوير بنية تحتية متقدمة لجمع وتحليل البيانات، وضمان الوصول الآمن والمفتوح للبيانات لأصحاب المصلحة، وتعزيز معرفة البيانات بين أعضاء الفريق.
قد تستثمر المؤسسة في أنظمة تحمي بياناتها ووثائقها من الوصول غير المصرح به، ولكن في ظل تزايد أعداد أدوات الذكاء الاصطناعي وميل المستخدمين للتجربة، قد يقومون باستخدام أدوات غير مدعومة من المنظمة ويتم تسريب الوثائق لأدوات تتيحها بشكل مفتوح، مما قد يعرض خصوصية المستفيدين للخطر. وهنا تقوم قطر الخيرية بالتحقق من توفير الحماية الكافية لضمان عدم استخدام مثل هذه الأدوات، وتقدم عوضا عنها، أدوات مدعومة ومخصصة ضمن نطاق استخدام العمل فقط.
2* تطوير رأس المال البشري
وهي ثاني ركيزة من حيث الأهمية. الأدوات الجديدة تحتاج إلى تمكين وتأهيل، وهنا على المؤسسات توفير برامج تدريب متخصصة في الذكاء الاصطناعي للموظفين والمتطوعين، وتحسين عمليات التوظيف باستخدام التحليلات المتقدمة، وتقديم برامج تدريب ميدانية للمستفيدين.
ولذلك قامت قطر الخيرية بعمل عدة دورات تدريبية وتثقيفية، إضافة إلى إرسال رسائل توعوية حول الممارسات الفضلى، وحول كيفية الاستفادة من التقنية مع الحفاظ على خصوصية العمل الخيري وحفظ بيانات المستفيدين.
3* تحسين التدخلات الإنسانية والتنموية:
لا شك أن حالات الاستخدام متنوعة ومتجددة. وهنا، على المؤسسة أن تستفيد من التجارب الداخلية والخارجية، وتعممها، وتدخل الأدوات الذكية في كافة مراحل التدخل الإنساني، من تحليل الاحتياجات وتحديد أولويات المشاريع إلى تعزيز إدارة المشاريع من خلال التحليلات التنبؤية وتحسين تخصيص الموارد للجهود الإنسانية.
تقوم قطر الخيرية باستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي من مايكروسوفت بشكل يتكامل مع حزمة برامج (Office 365) التي تتيح إنشاء وثائق مثل مصفوفة الإطار المنطقي، خطة التدخل الإنساني، دراسة حالة ميدانية، مقترح تمويل لأحد المناحين، وغيرها من الوثائق استنادا إلى وثائق سابقة تختصر الوقت والجهد.
4* تحسين جمع التبرعات من خلال الأتمتة
في هذه الركيزة، يتم الاستفادة من الذكاء الاصطناعي في القنوات التسويقية المختلفة، وتنفيذ تقنيات الأتمتة التسويقية لتحسين جمع التبرعات، إنشا الرسائل المخصصة للمتبرعين، وتعزيز تفاعل المتبرعين من خلال الحملات المستهدفة التي تطابق توجهات المانحين ومقدرتهم.
وقد وظفت قطر الخيرية تقنيات حديثة على منصة (Dynamics CRM) تتعلم آلياً من أنماط وتوجهات المتبرعين، وتقوم بتحديد الحالات التي تستدعي الانتباه من موظف خدمة العملاء، وموظفي تنمية الموارد والتبرعات، كما يتم رصد أي ارتفاع ملحوظ في زيارات الموقع والتطبيق، أو انخفاض مفاجئ في التبرعات، من خلال تقنية Fabric
4* تعزيز الكفاءة التشغيلية واتخاذ القرارات
باستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي المتكاملة مع أنظمة (ERP) في المؤسسة يتم تحسين إدارة المشتريات وسلسلة التوريد، مما يسهم في تسريع ودعم اتخاذ القرارات في المهام الإدارية، فعلى منصة (Dynamics ERP) المطبقة في المؤسسة يمكن التحاور مع مساعد ذكاء اصطناعي لمعرفة ملخص الطلب وتسهيل قراءته بدلا من الدخول لعدة شاشات. كما يتم استخدام أنماط المشتريات والموازنات لتحديد موازنة العام التالي بشكل دقيق يرشد الموارد.
5* تعزيز الشفافية والمساءلة
تتيح أدوات الذكاء الاصطناعي إمكانية مراقبة وتقييم الأداء بناء على اكتشاف أحداث غير معتادة وأنماط مستجدة. وهنا توظف تقنيات الأمن السيبراني واكتشاف الأحداث لتنبيه أمن الشبكات بأية أحداث تستدعي التدخل. كما توفر تقنيات التوأمة الرقمية (Digital Twins) صورة رقمية كاملة تعكس أنشطة وبرامج المؤسسة، مثل تتبع حالة مشاريع المياه وجوتها وتدفقها عن بعد باستخدام إنترنت الأشياء (IoT) والمرتبطة بأدوات (Azure) التي تراقب وتحلل، وتنبه في حال وجود نمط غير معتاد أو خلل متوقع ليتم التدخل قبل وقوعه.
6* الابتكار والتطوير المستمر
إن تبني الذكاء الاصطناعي ليس مجرد “هبّة” وتنتهي. لذلك فالاستثمار في البحث والتطوير لتقنيات الذكاء الاصطناعي المتقدمة، وتعزيز الابتكار من خلال الشراكات، وتشجيع ثقافة التحسين المستمر والتعلم تعد خطوات مهمة لضمان مواكبة التطور، مما يرفع الأداء ويقلل التكاليف ويعزز الفرص.
نموذج يُحتذى به
تسعى قطر الخيرية من خلال تبني تقنيات الذكاء الاصطناعي إلى تعزيز كفاءتها التشغيلية وتحسين جودة الخدمات التي تقدمها للفئات الضعيفة حول العالم. من خلال استراتيجيتها الشاملة، تهدف المنظمة إلى تحقيق تأثير إيجابي ومستدام في المجتمعات التي تخدمها.