عندما يكبر الطفل مصاباً بتشوه خلقي في القلب

2022-08-04

دخلت الأم الفقيرة من بنغلاديش في مرحلة كآبة عندما عجزت عن توفير المال اللازم لإجراء عملية لابنتها ذات 11 شهراً، التي تعاني من أحد العيوب الخلقية في القلب، لولا لُطف الله الذي قيّض لها أهل الخير الذين أعانوها على تكاليف علاج طفلتها. وقصة تلك الأم ليس الوحيدة. ففي بنغلاديش يولد كل عام أكثر من 40.000 طفل مصاب بأمراض الشرايين التاجية أحد أكثر التشوهات القلبية والخلقية التي تؤدي إلى الوفاة. ويحتاج العديد من المرضى إلى الجراحة أو التدخل بالقسطرة في الفترة المبكرة من العمر.

فأن يُرزق الوالدان بطفل هو من أعظم الهبات التي يمنحها الله سبحانه وتعالى لهما. فتكون لحظة ولادته وقدومه إلى الحياة من أكثر المراحل التي لا تقدر بثمن، والتي ستغير حياتهما إلى الأبد. وأول شيء يريدان معرفته عن الطفل هو ما إذا كان يتمتع بصحة جيدة. فقد تكون تلك لحظة سعادة عامرة عندما يُرزقان بمولود صحيح ومعافى، أو قد تتسبب لهما في ضائقة نفسية وعاطفية، بسبب إصابة الطفل بأحد الأمراض لعلّ من أكثرها التشوهات الخلقية التي تصيب القلب.

فما هو التشوه الخلقي في القلب وما أسبابه؟ وهل يشفى الطفل المصاب بإحدى هذه التشوهات؟ وكيف له أن يتعايش معها مع تقدمه في العمر؟



ماهي العيوب أو التشوهات القلبية وما أسبابها؟

عضلة القلب عبارة عن مضخة مزدوجة مكونة من أربع غرف. دورها هو تزويد الجسم بالأكسجين. لكن يمكن أن يظهر مرض القلب الخلقي (المعروف أيضا بعيب القلب الخلقي)، قبل ولادة الجنين بسبب فشل القلب والأوعية الدموية في النمو بشكل صحيح أثناء نمو الجنين.

حيث تتطور حالات التشوهات الخلقية للقلب أو التشوهات القلبية هذه قبل ولادة الطفل وتؤثر على شكل قلب الطفل وعمله. ويحتاج بعض الأطفال المصابين إلى المراقبة أو الأدوية فقط. لكن يعاني حوالي 1 من كل 3 أطفال من عيوب في القلب التي تهدد حياتهم ما يتطلب التدخل بالجراحة.

ويؤثر كل نوع من أنواع أمراض تشوهات القلب الخلقية على القلب بشكل مختلف. فقد تكون هناك مشاكل في صمامات القلب، أو جدران القلب، أو غرف القلب، أو الأوعية الدموية القريبة، أو مزيج من هذه المشكلات. ونتيجة لذلك، قد لا يحتوي دم الطفل على كمية كافية من الأكسجين. أو قد يتحرك الدم في الاتجاه الخاطئ، أو في بعض الأحيان لا يتحرك على الإطلاق.

وحوالي 8 حالات من كل 10، يكون سبب تشوهات القلب الخلقية غير معروف. فقد يعاني بعض الأطفال من عيوب في القلب بسبب تغيرات في جيناتهم أو كروموسوماتهم الفردية. كما قد ترتبط بظروف البيئة التي تعيشها الأم الحامل، مثل سوء نظامها الغذائي أو ظروفها الصحية، أو استخدام الأم للأدوية أثناء الحمل.

تتضمن بعض الأسباب المعروفة لأمراض الشرايين التاجية ما يلي:

  1. الجينات – 20٪ من الحالات لها سبب وراثي
  2. عيوب خلقية أخرى. فقد يكون الطفل مصاباً بأمراض أخرى، مثل الأطفال المصابين بمتلازمة داون الذي هم أكثر عرضة للإصابة بتشوهات في القلب.
  3. مرض الأم. فقد يؤدي مرض الأم أثناء الحمل إلى زيادة خطر الإصابة باضطرابات القلب الخلقية.
  4. تناول الأدوية والعقاقير التي تتناولها الأم أثناء الحمل (بدون وصفة طبية أو بوصفة طبية) قد يؤدي إلى زيادة خطر الإصابة باضطرابات القلب الخلقية.
  5. التدخين أو المشروبات الكحولية التي قد تتناولها الأم أثناء الحمل قد تزيد من خطر الإصابة باضطرابات القلب الخلقية.
  6. صحة الأم – قد تؤدي عوامل مثل مرض السكري غير المُدار وسوء التغذية أثناء الحمل إلى زيادة المخاطر.
  7. عمر الأم – من المرجح أن يكون لدى أطفال النساء الأكبر سنًا عيب خلقي أكثر من أطفال النساء الأصغر سنًا.

كالجسد الواحد

حملة الشتاء .. لأجل فلسطين

عالج مريضاً.. تصنع أثراً

خير الناس أنفعهم للناس، ساهم في التخفيف عن المرضى


التشوهات القلبية الأكثر شيوعًا:

العيوب أو التشوهات القلبية هي أكثر أنواع اضطرابات الولادة شيوعًا. ففي الولايات المتحدة، يولد حوالي 40.000 طفل مصابين بأمراض القلب الخلقية سنويًا. يحتاج حوالي ثلثهم إلى الجراحة أو أنواع أخرى من العلاج الطبي خلال الأسابيع أو الأشهر الأولى من حياتهم. لنتعرف على عيوب وتشوهات القلب الأكثر شيوعاً :

1. عيب الحاجز البطيني (Ventricular septal defect)

وهو أكثر تشوهات القلب الخلقية شيوعًا بين الأطفال حديثي الولادة. عيوب الحاجز البطيني هي ثقوب صغيرة إلى كبيرة الحجم بين الغرف السفلية للقلب. يتم تشخيصها عادةً بسبب وجود نفخة قلبية (صوت إضافي يُسمع عند الاستماع إلى القلب باستخدام سماعة الطبيب).

والعديد من الرضع والأطفال المصابين لا تظهر عليهم أعراض تشوهات القلب الخلقية. وكلما كان الثقب أكبر، زادت فرصة إصابة الرضيع بفشل القلب الاحتقاني من تدفق الدم المفرط عبر الفتحة من البطين الأيسر مما يؤدي إلى إغراق الرئتين بشكل أساسي. وعادة ما يتنفس الأطفال الذين يعانون من عيوب الحاجز البطيني الكبيرة بسرعة كبيرة ومعدلات دقات قلب عالية.

ويراقب الأطباء الأطفال الذين يعانون من عيوب الحاجز البطيني بشكل متحفظ لمعرفة كيف تؤثر الثقب أو الثقوب على الرضيع بمرور الوقت. إذا أصيب الطفل بقصور في القلب، يقوم الأطباء بإجراء جراحة لإغلاق الفتحة أو الثقوب.

2. عيب الحاجز الأذيني (Atrial septal defect)

وهو عيب خلقي شائع في القلب.  وهو عبارة عن ثقب غير طبيعي بين الحجرتين العلويتين.

وإذا استمر الثقب في مرحلة الطفولة ولم ينغلق تلقائيًا، فإن العلاج النموذجي يتضمن قسطرة قلبية.

3. رباعية فالو (Tetralogy of Fallot)

هو خلل شائع نسبيًا في القلب يشخصه الأطباء عادة خلال فترة الجنين أو بعد ولادة الرضيع بفترة وجيزة. وهو وضع أو اتجاه غير طبيعي للحاجز يؤدي هذا إلى زيادة سماكة عضلة القلب في البطين الأيمن.

يجب أن يخضع الرضع المصابون برباعية فالو لعملية جراحية في مرحلة ما. وفي الحالات القصوى في الطفولة المبكرة، خلال الأسابيع الأولى من حياة الطفل، إذا كانت درجة الانسداد مرتفعة ومستويات الأكسجين في القلب منخفضة ، مما يلزم التدخل الذي قد يشمل إجراء قسطرة قلبية ووضع دعامة في مجرى تدفق البطين الأيمن كحل مؤقت مما يقلل من منطقة الانسداد.



4. عيوب البطين الواحد (Single ventricle defects)

تتميز هذه الحالة بمجموعة متنوعة من التشوهات الخلقية التي تؤدي عادةً إلى وجود بطين وظيفي واحد فقط أو “غرفة ضخ” بدلاً من اثنين. وعادة ما يكون لدى الرضع الذين يعانون من هذه الحالة مستويات أكسجين أقل من الطبيعي مما يتسبب في تلون الجلد باللون الأزرق أو الزرقة.

وسيحتاج جميع الأطفال الذين يعانون من هذه الحالة إلى سلسلة من العمليات الجراحية لإعادة توجيه الدم إلى الرئتين.

5. تضيق الصمام الرئوي (Pulmonary valve stenosis)

وتشمل أي شكل من أشكال إعاقة تدفق الدم من البطين الأيمن إلى الرئتين. وفي بعض الحالات، يكون الانسداد موجودًا في الصمام الرئوي نفسه.

وعادةً ما يعاني الأطفال المصابون بهذا العيب القلبي الخلقي من نفخة تساعد الأطباء في التشخيص. ومع ذلك، فإن بعض المرضى لا يعانون من أعراض.

غير أنه إذا زادت درجة الانسداد، فقد يؤدي ذلك إلى زيادة الضغط على الجانب الأيمن من القلب ، مما يتسبب في عمل عضلة البطين بجهد أكبر وتصبح أكثر ثخانة بشكل غير طبيعي.

6. القناة الشريانية السالكة (Patent ductus arteriosus)

ومن أعراض هذا العيب تدفق الدم الزائد إلى الرئتين. وبمرور الوقت، يمكن أن يتسبب في تلف شرايين الرئة مما يؤدي في بعض الأحيان إلى تغييرات لا رجعة فيها إذا لم يتم إغلاقها.

والأطفال الأصغر سنًا والخدج على وجه الخصوص حساسون جدًا لهذا التدفق المتزايد وغالبًا ما يعجزون عن التنفس بشكل مستقل من تلقاء أنفسهم.

7. تبديل ديكسترو للشرايين الكبيرة (Dextro-transposition of the great arteries)

ويعتبر هذا العيب أكثر تعقيدا مقارنة ببقية أمراض القلب. ويتميز بتبديل موضع الشريانين الرئيسيين اللذين يغادران القلب ويحمل الدم إلى الرئتين وبقية الجسم. هذا الوضع الخاطئ يضر بتدفق الدم إلى القلب وبقية الجسم.

ويتسم الأطفال المصابون بهذه الحالة باللون الأزرق بشكل ملحوظ بسبب انخفاض مستويات الأكسجين التي يتم توصيلها إلى الجسم.

وتتطلب هذه الحالة جراحة خلال الأسبوع الأول من حياة الرضيع، أين يتم تحويل الأوعية الكبيرة إلى موقعها المناسب. وبعد الجراحة ستعمل وظائف قلب الرضيع بشكل طبيعي مع مستويات أكسجين قريبة من 100 في المئة.

8. تضيق الصمام الأبهري (Aortic valve stenosis)

أحد التشوهات القلبية الذي يحدث تضيق الصمام الأبهري الخلقي عادةً خلال الأسابيع الثمانية الأولى من الحمل. والصمام الأبهري هو أحد الصمامات الأربعة الرئيسية داخل القلب والمخرج النهائي للدم المؤكسج الذي يغادر القلب من البطين الأيسر إلى باقي الجسم.

ويعاني الأطفال المصابون من تضيق الصمام الأبهري من إعاقة تدفق الدم الذي يخرج من القلب ، مما يتسبب في زيادة الضغط على غرفة ضخ البطين الأيسر، ما يتسبب في زيادة سماكة العضلات، وتمدد القلب أو تضخمه ، وهو أمر غير صحي.

وغالبًا ما يكون التدخل عبر إجراء قسطرة قلبية يتم تمريرها عبر الصمام ويتم فتحها بالنفخ بلطف. أو قد يتطلب الأمر خيارات جراحية أخرى إذا تعذر إصلاح ضيق الصمام بالقسطرة.



أعراض عيوب وتشوهات القلب

قد تسبب مشاكل القلب مجموعة متنوعة من الأعراض عند الأطفال، بما في ذلك:

  • ضيق أو سرعة التنفس بسبب تراكم السوائل في الرئتين.
  • صعوبة الرضاعة، حيث يشعر الطفل التعب عند الرضاعة بسبب صعوبة في التنفس.
  • زُرقة الأظافر والشفاه والجلد بسبب نقص الأكسيجين.
  • الشعور بالنعاس.
  • ضعف أو زيادة معدل خفقان القلب.
  • كما قد يزيد من احتمال إصابة الطفل بالالتهاب الرئوي.
  • التعرق المفرط.
  • التعب الشديد أو النعاس
  • قلة الشهية.
  • توقف النمو عن المعدل المتوقع.
  • انتفاخ في الساقين أو القدمين أو الوجه.
  • عدم القدرة على مواكبة الأقران أثناء اللعب أو النشاط البدني.

علاج الأطفال المصابين بتشوهات قلبية

يعد التشخيص في الوقت المناسب لأمراض القلب الخلقية أمرًا محوريًا للعلاج المبكر والحد من المضاعفات. لكنه لا يزال يمثل تحديًا في المناطق الريفية بسبب محدودية الوصول إلى الرعاية الصحية. لذلك ارتبطت أمراض تشوهات القلب بشكل كبير بالأسر الفقيرة والمناطق التي يوجد فيها الفقر بمعدلات مرتفعة.

ويعتمد العلاج على نوع وشدة الخلل الموجود. فقد يحتاج بعض الرضع والأطفال المصابين إلى عملية جراحية واحدة أو أكثر لإصلاح القلب أو الأوعية الدموية. وهناك حالات يمكن علاجها دون جراحة عبر إجراء قسطرة في الأوعية الدموية للقلب.

وفي بعض الأحيان لا يمكن إصلاح عيب القلب بشكل كامل، ولكن يمكن أن يتحسن تدفق الدم والطريقة التي يعمل بها القلب.

كيف يتعايش الأطفال مع عيوب القلب الخلقية

عند تقديم العلاج والرعاية اللازمة في الوقت المناسب، سيتمكن الكثير من الأطفال المصابين بإحدى التشوهات القلبية من العيش حياة مستقلة بصعوبة قليلة أو بدون صعوبة. لكن قد يصاب آخرون بالإعاقة بمرور الوقت. لكن قد يعاني بعض الأشخاص المصابين من مشاكل وراثية أو حالات صحية أخرى قد تظهر بمرور الوقت قد تصل إلى الإعاقة. مثل حالات عدم انتظام ضربات القلب، أو ضعف القلب الأمر الذي يستلزم إجراء فحوصات روتينية مع طبيب القلب بشكل منتظم.  كما قد يحتاج آخرون إلى إجراء المزيد من العمليات الجراحية.

ومن جهة أخرى، فإن الأطفال في سن المدرسة والمصابون بأمراض القلب الخلقية معرضون لخطر الإصابة بنقص النمو العصبي وقصور معرفي من ناحية الإدراك والتعليم والمشاركة في الأنشطة الترفيهية، الأمر الذي يستلزم المتابعة لتوفير الدعم الأمثل. ومع تقدم العلم والطب، صار بإمكان الأشخاص الذين يعانون من عيوب القلب أن يتوقعوا أن يعيشوا حياة صحية لسنوات قادمة.

مواضيع ذات صلة

تعليقات

اترك أول تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.