5 أولويات إنسانية عاجلة لغزة بعد وقف إطلاق النار

علي الرشيد
2025-10-22

توقفت الحرب في قطاع غزة بعد الإعلان عن وقف إطلاق النار في (8 أكتوبر 2025) ولكن الأزمة الإنسانية ومعاناة السكان اليومية ما تزال متواصلة، فالقطاع منهك، مدمّر، ومحروم من أدنى مقومات الحياة.



هذا الواقع يستدعي تحركا إنسانيا شاملا وعاجلا من كافة المنظمات الإنسانية الدولية والإقليمية والعربية، والمانحين وصناع القرار في العالم. فهل سيكون هناك فتحا فوريا ومتواصلا للمعابر، وانطلاقة لتدخلات إنسانية تعالج تبعات الحرب والحصار، أم أن العقبات ما تزال عائقا لإنجاز ذلك؟!

أولا: لماذا تتعالى التحذيرات الأممية بعد الهدنة؟  

ـ في 8 أكتوبر 2025، رحّب الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، بإعلان وقف الأعمال العدائية، مشيرا إلى أن ذلك لا يعني نهاية المعاناة. وأكد على “ضرورة الدخول الفوري وغير المعوّق للمساعدات الإنسانية والتجارية إلى غزة”.

ـ وفي بيان صدر عن مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA)في 10 أكتوبر، تم وصف الهدنة بأنها “أمل جديد”، لكن الأمل وحده لا يكفي دون خطوات عملية. من أبرز المتطلبات: فتح معابر إضافية، تأمين حركة آمنة للمدنيين والكوادر، وتسهيل وصول المساعدات دون عراقيل إدارية أو سياسية.

ـ جاء في مؤتمر صحفي لبرنامج الأغذية العالمي (WFP) يوم 17 أكتوبر، إن الهدنة “فتحت نافذة ضيقة للإنقاذ، لكن الوقت ليس في صالح المدنيين  “، وتم التنويه بأن الوضع لا يزال من أكثر الأزمات الإنسانية تعقيدا وضعفا في التاريخ الحديث.

ثانيا: ما الذي تطلبه المنظمات الإنسانية الدولية الآن؟

المنظمات الدولية، وعلى رأسها الأمم المتحدة ووكالاتها، تدعو إلى:

  • فتح كافة المعابر فورا لتسهيل دخول المساعدات دون شروط.
  • ضمان حركة آمنة للمدنيين والعاملين في المجال الإنساني.
  • إصدار تصاريح وتأشيرات عاجلة لكوادر الإغاثة الدولية.
  • تمويل فوري للخطط الإنسانية ومشاريع التعافي المبكر.
  • توفير بيئة تشغيلية آمنة للمنظمات الشريكة والمبادرات المجتمعية.
  • تفعيل الشراكات الإقليمية والمحلية لسرعة التنفيذ والاستجابة المستدامة.

ثالثا: ما أبرز مظاهر معاناة سكان القطاع الإنسانية بالأرقام؟

قطاع غزة يواجه أزمة مركبة ومتداخلة تتطلب استجابة شاملة. فيما يلي أبرز مظاهر المعاناة:

  • الصحة البشرية: أكثر من 57,680 قتيلا و137,409 جريحا منذ بداية الحرب، مع تقديرات تفوق هذه الأرقام، حسب منظمة الصحة العالمية ومكتب تنسيق الشؤون الإنسانية.
  • المنشآت الصحية: من أصل 36 مستشفى، لا يعمل سوى 14 بشكل جزئي، في ظل نقص حاد في الأدوية والوقود والتجهيزات الطبية الأساسية.
  • الإيواء والمساكن: تم تدمير أو تضرر 436,000 وحدة سكنية، ما يمثل نحو 92٪ من المساكن. ويُقدّر أن 1.5 مليون شخص بحاجة عاجلة لمواد إيواء.
  • التعليم: أكثر من 2,308 منشأة تعليمية دُمّرت. و625,000 طالب و23,000 معلم تأثروا بشكل مباشر. فيما حُرم نحو 658,000 طفل من التعليم بشكل كلي.
  • المياه والصرف الصحي: تراجعت القدرة الإنتاجية للمياه إلى أقل من 5٪ من المعدلات الطبيعية. ويحصل الفرد على 8.4 لتر فقط يوميًا، وهو أقل بكثير من الحد الأدنى للبقاء.
  • الغذاء: وفقا لتقديرات أممية يعد الوضع الغذائي في غزة كارثيا، حيث تم الإعلان رسميا عن المجاعة في أجزاء من القطاع نهاية إبريل الماضي. فهناك أكثر من نصف مليون شخص في ظروف مجاعة، ويعاني 2.1 مليون شخص من الجوع الشديد.
  • النزوح الداخلي: أكثر من 1.7 مليون شخص نزحوا داخليا منذ بداية الحرب، بينهم 95٪ من سكان مدينة غزة الذين تركوا منازلهم قسرا.

رابعا: ما هي أولويات التدخل بعد وقف الحرب؟

فيما يلي جدول يوضح أبرز الأولويات القطاعية العاجلة بعد وقف إطلاق النار، والتدخلات المقترحة:

• بناء وحدات سكنية مؤقتة 
• توزيع مواد البناء
• توفير أماكن إيواء للنازحين
الإيواء
• ترميم المدارس
• تجهيز فصول مؤقتة
• توفير أدوات تعليمية ودعم نفسي للطلبة
التعليم
• إصلاح شبكات المياه
• دعم محطات التحلية والمعالجة
• تأمين المياه النظيفة والصرف الصحي
المياه والصرف الصحي
• زيادة كمية الغذاء اليومية
• توفير سلال غذائية عاجلة
• دعم الأمن الغذائي طويل الأجل
الغذاء والأمن الغذائي
• إصلاح الطرق وشبكات الكهرباء والاتصالات
• إعادة بناء المنشآت الخدمية
البنية التحتية
• برامج دعم نفسي للأطفال والنساء
• خدمات إرشاد نفسي مجتمعي
• تدريب كوادر محلية
الصحة النفسية والدعم الاجتماعي

خامسا: ماهي أبرز معوقات وصول المساعدات؟  

فعليا بدأت المساعدات تتدفق لقطاع غزة من منظمات تابعة للأمم المتحدة أو منظمات وجهات عربية في الأيام الأخيرة، وإن بصورة لا تتناسب مع حجم الاحتياج بسبب المعوقات:  

ـ ذكر برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة أن نحو 560 طنا من المساعدات الغذائية تصل إلى قطاع غزة يوميا منذ وقف إطلاق النار.  

ـ ودشنت دولة قطر ـ على سبيل المثال ـ جسرا بريا من المساعدات الإنسانية، وذلك عبر أراضي الأردن ومصر. ويضم الجسر 87,754 خيمة إيواء مقدمة من صندوق قطر للتنمية وقطر الخيرية والهلال الأحمر القطري، لتأمين مأوى كريم وآمن لما يقارب 436,170 شخصا من الأسر المتضررة.

ـ لكن صاحب ذلك تحذيرات أممية من بطء وصول المساعدات خصوصا إلى شمال القطاع الذي لا يزال بالغ الصعوبة بسبب الدمار الواسع في الطرق واستمرار إغلاق بعض المعابر،  وتهديدات من الاحتلال بوقف المساعدات.

خاتمة: الإنقاذ لا ينتظر ..لماذا؟

وقف إطلاق النار في غزة بداية اختبار حقيقي للضمير الإنساني العالمي. فالاحتياجات واضحة، والأرقام صادمة، والأوضاع لا تحتمل الانتظار.وإنقاذ غزة يتطلّب تحالفا دوليا إنسانيا، لأنّ الناس في غزة لا يريدون فقط النجاة، بل العودة إلى الحياة.

علي الرشيد
إعلامي وكاتب متخصص في الشأن الإنساني والثقافي
يعبر المقال عن رأي الكاتب ولا يعكس بالضرورة وجهة نظر قطر الخيرية.

مواضيع ذات صلة

تعليقات

اترك أول تعليق