أبواب الخير في ديننا الحنيف واسعة وعظيمة، وسهلة وميسرة. فمن تبسمك في وجه أخيك، إلى رفعك الأذى عن الطريق، إلى المال الذي تنفقه على أهلك وعيالك. كلها أبواب مشرعة إلى الأجر والمثوبة. حتى لا يبقى في المجتمع من لا يتوفر له قوام الحياة الأساسي. وتبقى الصدقة الجارية من أفضل الأعمال التي يتيقرب بها العبد إلى الله بدوام أجرها وعطائها.
في مقال “الصدقة الجارية” ستتعرف على:
فالذكي هو من يتفنن في اختيار أبواب الخير التي يتبرع لها. ويبحث عن مشاريع نافعة، دائمة الأثر، يدوم ثوابها حتى بعد وفاته. وينفق عليها من أحسن ماله وأزكاه، هم الباحثون عن ثواب لا ينقطع، بأعمال بر مبتكرة متجددة.
ما المقصود بالصدقة الجارية؟ وما أدلة مشروعيتها من القرآن الكريم والسنة؟
الصدقة الجارية هي كل عمل خير يمتدُ أجره إلى ما بعد الموت، ويجرى نفعه للناس عموماً. وقد دلت النصوص الشرعية الكثيرة من القرآن والسنة النبوية الصحيحة على مشروعتها. وأنها من أعظم القربات إلى الله تعالى، فيما يأتي ذكر بعضها:
ما الأدلة الشرعية على مشروعية الصدقة الجارية؟
من القرآن الكريم
- الإنفاق من الرزق قبل فوات الأوان
قال تعالى: “قُل لِّعِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُواْ يُقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَيُنفِقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلانِيَةً مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَّ بَيْعٌ فِيهِ وَلاَ خِلاَلٌ” [إبراهيم:31] - التعاون على البر والتقوى “وَتَعَاوَنُوا عَلَى البِرِّ وَالتَّقْوَى” [المائدة:2]
- الإنفاق من الطيب “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَنفِقُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ” [البقرة:267]
- الصدقة كقرض حسن يُضاعف الأجر “إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ وَأَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعَفُ لَهُمْ” [الحديد:18]
من السنة النبوية
- حديث أبي هريرة رضي الله عنه: “إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلاّ من ثلاث: صدقة جارية، أو ولد صالح يدعو له، أو علم ينتفع به” رواه مسلم.
- حديث أنس رضي الله عنه: “سبع يجري للعبد أجرها بعد موته: علمًا علمه، أو أجرى نهرًا، أو حفر بئرًا، أو غرس نخلًا، أو بنى مسجدًا، أو ورَّث مصحفًا، أو ترك ولدًا يستغفر له” رواه البزار.
- حديث عثمان رضي الله عنه: “من بنى مسجدًا يبتغي به وجه الله، بنى الله له مثله في الجنة” متفق عليه.

ما شروط الصدقة الجارية المقبولة؟
لضمان قبول الصدقة الجارية واستمرار أثرها، لا بد من توفر أربعة شروط أساسية:
الشرط | التوضيح |
---|---|
إخلاص النية لله | أن تكون الصدقة خالصة لوجه الله، دون رياء أو سمعة |
أن يكون النفع مشروعًا | أن تكون في مجال مشروع ومباح، كالماء، التعليم، بناء المساجد |
امتداد النفع لما بعد الموت | أن يستمر أثرها بعد وفاة المتبرع |
أن تكون من مال حلال | لأن الله طيب لا يقبل إلا طيبًا |
أربعة أمور لا بد منها في الصدقة الجارية
1-اخلاص النية لله تعالى
قال تعال: (وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَــاةَ وَذَلِكَ دِيــنُ القَيِّمَة) (سور البينة آية 5) .
2-أن يكون نفعاً مشروعاً
بأن يجعلها فيما شرعه الله تعالى وحث عليه، مما فيه نفع للناس. وهذا أصل عام من أصول المعاملات والتصرفات في الفقه الإسلامي. ودليل ذلك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من سَنَّ في الإسلام سُنَّة حَسَنة فله أجرها، وأجر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أجورهم ….).
3- يمتد النفع لما بعد الموت
قال رسول صلى الله عليه وسلم: (إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلاّ من ثلاث: صدقة جارية، أو ولد صالح يدعو له أو علم ينتفع به) ابن ماجه.
4-أن يكون مالاً حلالاً
لأن الصدقة الجارية من القربات إلى الله. فلا يجوز للمسلم أن يكسب من المال إلا طيبه وألا يتصدق إلا بطيبه. وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً)، رواه مسلم.
ما أبرز صور الصدقة الجارية في عصرنا؟
- بناء المدارس والمراكز التعليمية
- حفر الآبار في المناطق المحتاجة
- كفالة الأيتام والمحتاجين عبر مؤسسات موثوقة مثل قطر الخيرية
- طباعة المصاحف وتوزيعها
- إنشاء تطبيقات أو منصات تعليمية مجانية
- المساهمة في مشاريع الإغاثة المستدامة
كيف تختار المشروع الأنسب للتبرع؟
اختر المشاريع التي:
- تخدم أكبر عدد ممكن من الناس.
- تستمر لسنوات طويلة.
- تُدار من جهات موثوقة مثل قطر الخيرية.
- تتوافق مع اهتماماتك الشخصية، كالتعليم، الصحة، المياه، أو كفالة الأيتام.