تُعدّ الأضحية من شعائر الإسلام العظيمة، ومن أجلّ القربات وأعظم الطاعات، فهي مظهر من مظاهر التوحيد، ودليل على الإخلاص لله تعالى في العبادة، وامتثالٌ لأمره واتباعٌ لهدي نبيّه صلى الله عليه وسلم. ومن هذا المقام الجليل جاءت مشروعية الأضحية في الإسلام، تأكيدًا على تعظيم شعائر الله وتجسيدًا لمعاني التضحية والطاعة.
جدول المحتويات
تعريف الأضحية
الأضحية هي ما يذبح من بهيمة الأنعام في يوم النحر وأيام التشريق تقرباً إلى الله تعالى، وهي عبادة مشروعة بالكتاب والسنة والإجماع.
هل الأضحية سنة ام فرض؟
الذي عليه جمهور أهل العلم أن الأضحية سُنَّة مؤكدة في حق القادرين، لقوله عليه الصلاة والسلام في حديث أم سلمة: (إذا دخلت العشر وأراد أحدكم أن يضحي فلا يمس من شعره وبشره شيئا) رواه مسلم، فقد فوَّض- صلى الله عليه وسلم – الأضحية إلى إرادة المكلف، ولو كانت الأضحية واجبة لم يكل ذلك إلى الإرادة.
ثم إنه ثبت أنه – صلى الله عليه وسلم – ضحى عمن لم يضح من أمته كما في سنن الترمذي وغيره، فأسقط بذلك الوجوب عنهم.
وذهب بعض أهل العلم إلى وجوبها مستدلين بحديث (على أهل كل بيت أضحية)، وحديث (من وجد سعة ولم يضحِّ فلا يقربن مصلانا) رواهما أحمد في مسنده.
ولذلك فإن الاحتياط للمسلم ألا يترك الأضحية مع القدرة عليها، لما فيها من تعظيم الله وذكره، ولما في ذلك من براءة الذمة.
شروط الأضحية
فمن شروط إجزاء الأضحية أن تكون من بهيمة الأنعام -الإبل والبقر والغنم- لقول الله تعالى: (ليذكروا اسم الله على ما رزقهم من بهيمة الأنعام) [الحج:34]، وأن تبلغ السن المحددة شرعًا، وخالية من العيوب الكبيرة كالعمى، والمرض، والعرج والهزال. ويجب أن يكون الحيوان ملكًا للمضحي، وأن يتم الذبح في الوقت الشرعي من بعد صلاة العيد حتى غروب شمس آخر يوم من أيام التشريق، وهو اليوم الثالث عشر من ذي الحجة.
سن الاضحية
وأن تبلغ السن المعتبرة شرعاً، لما رواه مسلم عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لا تذبحوا إلا مسنة، إلا أن يعسر عليكم فتذبحوا جذعة من الضأن” والمسنة: هي الثنية أو الثني من الإبل والبقر والغنم، فلا يجزئ من الإبل إلا ما أتم خمس سنين، ولا من البقر إلا ما أتم سنتين، ولا من المعز إلا ما أتم سنة، وأما الضأن فيجزئ منها الجذع، وهو ما أتم ستة أشهر، لما رواه أحمد وابن ماجه عن أم بلال بنت هلال عن أبيها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “يجزئ الجذع من الضأن ضحية” قال الشوكاني: فإن قيل: فما الفرق بين الضأن وغيرها؟ قيل له: الفرق بينهما نص صاحب الشريعة، ولا فرق أصح منه”
ذبح الأضحية
الأولى للمضحي أن يذبح أضحيته بنفسه إن كان يحسن الذبح، لأن الذبح قربة وعبادة، وله أن ينيب عنه غيره، فقد نحر – صلى الله عليه وسلم – بيده ثلاثاً وستين بَدَنة، واستناب علياً في نحر ما تبقى.
وينبغي أن يراعي آداب الذبح كالإحسان إلى الذبيحة وإراحتها، وأن يستقبل القبلة، وإن كانت الأضحية من الإبل فإنها تنحر قائمة معقولة يدها اليسرى، وهو معنى قوله تعالى: {فاذكروا اسم الله عليها صواف}، وإن كانت من غير الإبل فإنها تذبح مضجعة على جنبها الأيسر. ويستحب وضع الرجل على صفحة عنقها، ويقول: بسم الله الله أكبر، ويسأل الله القبول.
دعاء الذبح في عيد الأضحى
التسمية والتكبير والدعاء بالقبول، ففي صحيح مسلم أنه صلى الله عليه وسلم قال عند ذبح ضحيته: باسم الله اللهم تقبل من محمد وآل محمد. وفي المسند وسنن أبي داود بسند صحيح أنه قال: باسم الله والله أكبر. قال النووي في شرح حديث مسلم: فيه دليل لاستحباب قول المضحي حال الذبح مع التسمية والتكبير اللهم تقبل مني. فالمشروع أن تسمي وتكبر، وأن تقول: اللهم هذا عني وعن أهل بيتي، أو: اللهم تقبل مني ومن أهلي، أو تذكر اسمك فتقول: اللهم تقبل من فلان وآل فلان.
تقسيم الأضحية حسب الشرع
فقد استحب جماعة من الفقهاء تقسيم الأضحية إلى ثلاثة أقسام.
قال الإمام أحمد: نحن نذهب إلى حديث عبد الله: يأكل هو الثلث، ويطعم من أراد الثلث، ويتصدق على المساكين بالثلث. وبعض الفقهاء قال: تجعل نصفين: يأكل نصفا، ويتصدق بنصف.