الذكاء الاصطناعي ضرورة لتعزيز فعالية العمل الخيري في قطر

2025-09-08

ترى الدكتورة دلال عسولي أن الذكاء الاصطناعي يمثل فرصة حقيقية لتطوير العمل الخيري في قطر، وتؤكد أن نجاح هذا التحول يتطلب تمكين العاملين، وتوفير أدوات مناسبة، والالتزام بالمسؤولية الأخلاقية في التعامل مع البيانات.



من خلال جامعة حمد بن خليفة وبتمويل منها ومن صندوق قطر للابتكار والتطوير وبالتعاون مع هيئة تنظيم الأعمال الخيرية تواصل الدكتورة دلال عسولي الأستاذ المساعد في التمويل الإسلامي والمستدام قيادة فريق مشروع بحثي يُعنى بكيفية توظيف الذكاء الاصطناعي لتعزيز فعالية قطاع العمل الخيري الإنساني والتنموي في دولة قطر.

ومن المنتظر أن يقدم المشروع في مرحلته الأخيرة (نهاية العام الحالي 2025) مقترحات من شأنها أن تسهم في تطوير أداء المؤسسات الخيرية والمنظمات غير الربحية في قطر، ودعم مكانة دولة قطر الريادية في العمل الخيري على المستوى الدولي، والتأكيد على دور المبادرات المبتكرة والريادية في تحقيق رؤية قطر 2030​.

للتعرّف بصورة أعمق على هذا المشروع وأبرز محطاته والانعكاسات المرجوة من تفعيل دور الذكاء الاصطناعي في عمل المؤسسات الخيرية جاء حوار مجلة “غراس” مع الدكتورة دلال على هامش ورشة “تمكين الجمعيات الخيرية والمنظمات غير الربحية من خلال الذكاء الاصطناعي” التي نفذت في إطار المشروع خلال شهر يونيو الماضي بدعم من قطر الخيرية.  

الجوانب الستة للمشروع

بداية يرجى إعطاء فكرة عن المشروع.. الأهداف وأهم الأمور التي يركز عليها؟

الهدف من المشروع استكشاف كيفية إسهام الذكاء الاصطناعي في تعزيز كفاءة الجمعيات الخيرية والمنظمات غير الحكومية في عدة جوانب أهمها تعزيز الكفاءة التشغيلية، واستقطاب شرائح أوسع من المتبرعين، وتحسين تحليل البيانات، والابتكار في تطوير استراتيجيات أفضل في الوصول إلى أكبر عدد من المتبرعين، وكذلك تنويع فئات المتبرعين.

المشروع مموّل من جامعة حمد بن خليفة ومجلس قطر للبحوث والتطوير والابتكار بالتعاون مع هيئة تنظيم الاعمال الخيرية، ويركز على عدة جوانب من الذكاء الاصطناعي بما في ذلك الذكاء الاصطناعي التوليدي، ويتطرق المشروع لستة جوانب رئيسة هي: تقييم الاحتياجات، قياس الأثر، الشفافية، الحوكمة، تعبئة الموارد، تخصيص الموارد.

ما هي الجوانب الستة التي يركز عليها المشروع البحثي؟

المشروع البحثي يُعنى بكيفية توظيف الذكاء الاصطناعي لتعزيز فعالية قطاع العمل الخيري الإنساني والتنموي في دولة قطر، يركز على ستة محاور رئيسية تُعد أساسية في تحسين أداء المؤسسات الخيرية:

  1. تقييم الاحتياجات: فهم أولويات الفئات المستهدفة بدقة.
  2. قياس الأثر: تحليل نتائج التدخلات الإنسانية والمشاريع.
  3. الشفافية: ضمان وضوح العمليات والمعلومات للمتبرعين.
  4. الحوكمة: وضع سياسات تنظيمية تضمن الاستخدام المسؤول للتقنيات.
  5. تعبئة الموارد: جذب التمويل من مصادر متنوعة.
  6. تخصيص الموارد: توزيع الدعم بشكل عادل وفعال.

المحطات الرئيسة

أين وصل المشروع حتى الآن، وماهي أهم المحطات التالية؟

خلال الأشهر الماضية نظّمنا أكثر من فعالية في إطار المشروع استهدفت جمع المعطيات، وتحليل أهم دراسات الحالة المتعلقة بتطبيقات الذكاء الاصطناعي المحلية والدولية.

تعد ورشة “تمكين الجمعيات الخيرية والمنظمات غير الربحية من خلال الذكاء الاصطناعي”هي الورشة الثانية التي ينفذها المشروع مع القطاع الخيري، حيث ركزت على الذكاء الاصطناعي بمفهومه الشامل (وليس فقط الذكاء الاصطناعي التوليدي)، واستقطاب المنظمات غير الحكومية، وأتاحت استعراض تجارب مؤسسات أممية وإنسانية في استخدام الذكاء الاصطناعي، إضافة لأنشطة تفاعلية مع المشاركين تطرقت لمجموعة من السيناريوهات التي من خلالها يمكن تطبيق الذكاء الاصطناعي. 

وقد سبق أن نظمت الورشة الأولى بالتعاون مع هيئة تنظيم الأعمال الخيرية في شهر مايو الماضي، وتم فيها استضافة نُخبة من الخبراء المحليين والدوليين، وكانت فرصة للحضور للتعرف بشكل مباشر على بعض تطبيقات الذكاء الاصطناعي التوليدي، إضافة لأنشطة تفاعلية أتاحت للمشاركين استخدام بعض هذه الأدوات.



كيف يساهم الذكاء الاصطناعي في تطوير أداء المؤسسات الخيرية في قطر؟

  • يسعى المشروع إلى استخدام الذكاء الاصطناعي في عدة مجالات داخل القطاع الخيري، منها:
  • تحسين الكفاءة التشغيلية للمؤسسات.
  • استقطاب شرائح جديدة من المتبرعين.
  • تحليل البيانات بشكل أكثر دقة.
  • تطوير استراتيجيات مبتكرة للوصول إلى المتبرعين.
  • تنويع فئات المانحين بناءً على احتياجاتهم وسلوكهم.

هدف المشروع في هذه المرحلة التواصل بشكل مكثف مع الجمعيات الخيرية لنتمكن من رسم خارطة طريق لكيفية تبني واستخدام الذكاء الاصطناعي في عمل هذه المؤسسات.

ومن أجل ذلك يستخدم المشروع عددا من الأدوات من ضمنها هذه الورش إضافة للمقابلات والاستبانات وغيرها، حيث ستساعدنا على فهم مدى استخدام الذكاء الاصطناعي في هذه الجمعيات والوسائل والأدوات المستخدمة حاليا، ومعرفة استعدادها لاستخدام مثل هذه الأدوات المبتكرة مستقبلا.

وهذا سيساعدنا بمقارنة هذه التجارب مع تجارب دولية مبتكرة أو رائدة، وستليها مرحلة لإصدار مقترحات في الجوانب القانونية والابتكارية حول كيفية تعزيز إدماج الذكاء الاصطناعي في العمل الخيري بدولة قطر.

نحن جهة أكاديمية نقوم على هذا المشروع وهدفنا في نهاية هذا العمل تقديم مقترحات لكيفية تعزيز إدماج الذكاء الاصطناعي في القطاع الخيري في قطر.

وما زلنا في فترة تجميع المعطيات والتواصل مع الجمعيات الخيرية والجهات ذات العلاقة لرسم خارطة الطريق اللازمة لذلك، ونأمل خلال فترة الصيف الانتهاء من هذه المرحلة (الثانية). 

فيما ستكون المرحلة الثالثة مخصصة لتحليل هذه المعطيات ومقارنتها بمعطيات المؤسسات والتجارب الدولية.

بعد ذلك نأمل في الجزء الأخير من العام الجاري 2025  عرض هذه التجارب والنتائج من خلال محاضرات عامة وورش مع المؤسسات الخيرية القطرية بالتنسيق مع هيئة تنظيم الأعمال الخيرية، ويبقى لهذه المؤسسات الاختيار في أخذ ما يناسبها من هذه المقترحات.

كيف يمكن أن ينعكس استخدام هذه التقنيات المبتكرة للذكاء الاصطناعي على القطاع الخيري في دولة قطر؟

الاعتماد على هذه الأدوات المبتكرة في الذكاء الاصطناعي من شأنه أن يعزز من دور دولة قطر باعتبارها دولة رائدة في العمل الخيري والإنساني على مستوى العالم خصوصا مع تصاعد النزاعات والكوارث الطبيعية.

فالذكاء الاصطناعي يساهم بشكل كبير في الوصول إلى الفئات المستحقة للدعم، وفي تخصيص الموارد بفاعلية بصورة أكبر، إضافة لقياس أثر التدخلات الإنسانية والمشاريع المنفذة من قبل دولة قطر أو المؤسسات القطرية عبر العالم.

استخدام التكنولوجيا المتطورة لم يعد خيارا، بل ضرورة لكل قطاعات العمل ومنها القطاع الخيري والإنساني، وهو يسهم في تعزيز الكفاءة، والتنافس بين المؤسسات التي تعمل في نفس المجال.

كما يعمل على إيجاد الحلول للمشاكل التي تواجهها، ويحتاج نجاح هذا الاستخدام إلى بعض الشروط التي منها تعزيز قدرات العاملين في هذا المجال وهو أحد أهداف هذا المشروع، وتوفير إطار الحوكمة في الحفاظ على معطيات المتبرعين وتعزيز الشفافية وغيرها.

وسيُسهم ذلك في تعزيز مكانة قطر في العملين الإنساني والتنموي على المستوى الدولي وتشجيع الابتكار واستخدام التقنيات الحديثة وتحقيق رؤية قطر 2030​ في هذا الجانب، إضافة إلى إبراز أثر مشاريع المؤسسات الخيرية لاستقطاب مزيد من المتبرعين والمانحين.

ماهي الأدوات والأنظمة والمتطلبات اللازمة لإدماج الذكاء الاصطناعي في عمل المؤسسات الخيرية؟

البداية تكون في تطوير استراتيجية عمل المؤسسة تدريجيا لإدماج الذكاء الاصطناعي، ويتم الإدماج في بعض الأنشطة التي تشكل أولوية للمؤسسة، ثم التوسع تدريجيا حسب احتياجاتها، مع توفير متطلباته من أنظمة وأدوات بناء على ذلك، إضافة لرفع قدرات العاملين فيها في المستويات القيادية والمستويات الأخرى في الجوانب المختلفة بناء على ذلك، والتعاون مع الجهات الأكاديمية ومراكز البحوث وبيوت الخبرة لسدّ هذه الثغرة.

المسؤولية الأخلاقية

كيف توازن المؤسسات الخيرية بين الفعالية التقنية للذكاء الاصطناعي وحساسية البيانات والمعلومات الشخصية سواء للمستفيدين أو المتبرعين؟

في مشروعنا لدينا جانب كبير يغطي جانب الحوكمة والذي يتم فيه التطرق للاستخدام الأخلاقي والمسؤول للتكنولوجيا، وقد استضفنا فيه مجموعة من الخبراء في هذا الجانب للاستفادة من تجربتهم.

إلى أي مدى يمكن الوثوق بالخوارزميات في اتخاذ قرارات إنسانية ذات أبعاد أخلاقية؟ 

ينبغي أن يُؤخذ الجانب الأخلاقي بعين الاعتبار ضمن استراتيجيات المؤسسات، مع ضرورة وضع سياسات واضحة تضمن الالتزام به، إلى جانب تعزيز الوعي المؤسسي والمسؤولية الأخلاقية لدى مستخدمي الأدوات التقنية في المؤسسات، والتوعية بالسياسات المرتبطة بذلك ورفع قدراتهم في هذا الجانب.

هل يمكن الوثوق بالخوارزميات في اتخاذ قرارات إنسانية؟

القرارات الإنسانية تتطلب حساسية عالية، ولهذا:

  • يجب أن تكون الخوارزميات مدعومة بسياسات واضحة.
  • يُشترط وجود رقابة بشرية على القرارات التقنية.
  • تُعزز المؤسسات المسؤولية الأخلاقية لدى مستخدمي الأدوات.
  • يتم تدريب العاملين على فهم حدود استخدام الذكاء الاصطناعي.
  • هذا التوازن بين التقنية والإنسانية يُعد أساسًا في نجاح أي مشروع خيري يعتمد على الذكاء الاصطناعي.
مجلة غراس, العدد 30

المقال منشور في العدد 32 من مجلة غراس

يمكنك تحميل نسختك الآن أو الإطلاع على مقالات أخرى من المجلة

مواضيع ذات صلة

تعليقات

اترك أول تعليق