زلزال المغرب: مشاهد لا تُنسى من قلب الميدان

نسرين الغنجاوي حضرة
2025-09-30

في ليلة هادئة من ليالي خريف 2024، وبينما يستعد الناس للخلود إلى النوم، اهتزت الأرض تحت أقدام المغاربة في تمام الساعة 23:11 من مساء يوم 8 سبتمبر، حين ضرب زلزال مدمر بقوة 6.8 درجات على مقياس ريختر عددا من مناطق المملكة، وكان مركزه بإقليم الحوز.



في اللحظات الأولى، لم يكن في أذهاننا سوى سؤال واحد: “هل نجت عائلاتنا؟”، لكن شبكة الاتصالات كانت مقطوعة، والقلق يعم كل بيت. لم يكن أحد يعلم حجم الكارثة التي حلت بالبلاد، ومع بزوغ أولى خيوط الفجر، انطلقتُ وزملائي في قطر الخيرية نحو المكتب، ومنها مباشرة إلى مدينة مراكش، إلى قلب المأساة… إقليم الحوز.

هناك، تكسرت القلوب قبل أن تتكسر الجدران. كانت بداية رحلة من العمل المضني والمتواصل دون توقف، على مدار الساعة. بدأنا بالاتصال بالسلطات والجهات المختصة لتحديد الأولويات، وشراء وتوريد المساعدات من كل أنحاء المغرب. في الليلة الأولى، قمنا بتحضير وتوزيع وجبات ساخنة للأسر التي باتت في العراء، والبرد يلف أجسادهم المرهقة والخائفة.


كيف بدأت الاستجابة الإنسانية في الساعات الأولى؟

  • انطلقت فرق قطر الخيرية نحو مدينة مراكش فور بزوغ الفجر.
  • تم التنسيق مع السلطات لتحديد الأولويات العاجلة.
  • شراء وتوريد المساعدات من مختلف مناطق المغرب.
  • توزيع وجبات ساخنة على الأسر التي فقدت مأواها في الليلة الأولى.
  • العمل استمر دون توقف، وسط ظروف من البرد والخوف.

مشاهد لا تُنسى حُفِرت في الذاكرة للأبد: أطفال يبكون وقد فقدوا والديهم، وآباء ينتحبون أمام ركام البيوت التي كانت قبل ساعات مأواهم الدافئ، وناس مذهولة لا تنطق بكلمة من هول الفاجعة. في طريقنا إلى منطقة “أغبار”، انهالت الصخور على قوافلنا، ولولا لطف الله، لكنا الآن في عداد الموتى، وهي إحدى أهم التحديات التي تواجه عمال الإغاثة إبان الكوارث والأزمات، فالمخاطر جزء من مهمتهم.

في هذا الوقت العصيب، لم نكن وحدنا. كان معنا زملاؤنا في قطر الخيرية من الدوحة، على اتصال دائم معنا، ساعة بساعة، لا ينامون، ينسقون ويدعمون ويسهلون علينا كل العقبات. لم يكتفوا بالدعم اللوجستي، بل أرسلوا فريقا ميدانيا من الدوحة لينضم إلينا في قلب الأزمة، ويشارك معنا لحظات الألم والعمل والإنقاذ.



ما التحديات التي واجهت فرق الإغاثة في زلزال المغرب؟

  • انهيارات صخرية كادت تودي بحياة أعضاء القوافل في طريقهم إلى “أغبار”.
  • صعوبة الوصول إلى المناطق المنكوبة بسبب الطرق غير السالكة.
  • العمل تحت ضغط نفسي وجسدي كبير.
  • المخاطر جزء من مهمة فرق الإغاثة في الكوارث.
  • الدعم المستمر من فرق قطر الخيرية في الدوحة ساهم في تجاوز العقبات.

تكررت المشاهد القاسية: عجوز تحمل على ظهرها ما تبقى من حياتها، وأمٌ تبحث في الأنقاض عن صورة لابنها المفقود، وشباب من أهل القرى يركضون نحونا ليساعدونا على تفريغ الشاحنات التي تحوي بطانيات وخيام ومواد غذائية. لم يكن العمل سهلا، ولا الطرق سالكة، لكن عزيمة الفريق كانت أقوى من كل التحديات.



كنا نرتاح دقائق معدودة، ننام فوق الأغطية التي من المفترض أن توزع، داخل الشاحنات أو على الأرض، لنتقاسم التعب والبرد والرجاء مع الناس. في خضم الألم، كانت لحظات النور تنبع من دعوة أم، أو دمعة امتنان من طفل، أو ابتسامة خجولة وسط الركام.

مجلة غراس, العدد 30

المقال منشور في العدد 32 من مجلة غراس

يمكنك تحميل نسختك الآن أو الإطلاع على مقالات أخرى من المجلة

نسرين الغنجاوي حضرة
مكتب قطر الخيرية في المغرب
يعبر المقال عن رأي الكاتب ولا يعكس بالضرورة وجهة نظر قطر الخيرية.

مواضيع ذات صلة

تعليقات

اترك أول تعليق