رمضان في قطر: بوابة الأجانب للتعرف على العالم الإسلامي

2019-05-16

عندما ينتقل المرء من جزء من العالم إلى آخر، فلا مناص من مواجهته لتغيرات ثقافية عميقة الأثر، وقد واجهتُ هذه الحقيقة عندما قدمتُ من الغرب للعمل والعيش في الشرق الأوسط، حيث وجدتُني في خضم ثقافة غريبة عني، وموجة حر حارقة لم أشهد مثلها في حياتي. أكسبتني تجربة العيش في قطر ثراء ثقافياً ومعرفياً بالعالم الإسلامي، وهذه خلاصة تجربتي لسنوات حول أجواء رمضان في قطر.

يدرك المتابع لحركة التنقلات البشرية وأماكن الاستيطان في القرن الحادي والعشرين أن العالم قد أصبح بالفعل قرية صغيرة. فهُنا في الغرب، عشت جنباً إلى جنب مع مسلمين من شتى أنحاء المعمورة، ولا أعدُ نفسي جاهلاً بما يعنيه صيام شهر رمضان المبارك وغيره من الشعائر الإسلامية التي كانت تُمارسُ على مقربةٍ مني في لندن، حيث عشتُ وعملتُ مع أصدقاء وجيران وزملاء من المسلمين.

أما بعد انتقالي للعيش في قطر، فقد وجدت أن لشهر رمضان في قطر معانٍ وأهمية كبرى. بل وأدركت قيمة هذه الظاهرة الروحية التي يعكسها روح التفاني من أمة بأكملها في هذا الشهر المبارك. فلم يعد رمضان شهر المسلمين المبارك الذي يلتزمه جيراني إبراهيم ويوسف ومريم في الشارع الذي أقطن به في جنوب لندن، بل تحول إلى ظاهرة دينية على مستوى قومي ووجدتني وزملائي من المغتربين منغمسين في أجوائه مع باقي الأمة على جميع المستويات. إذاً، ما هي أفكاري ومشاعري حول رمضان في قطر؟ الإجابة على هذا السؤال ليست بعيدة المنال، وأستهل بما يلي:

أنا مُدرِّسة لغة إنجليزية في مدرسة دولية في الدوحة. وكمُعلِّمة أؤمن أن المرء يتعلم الكثير من طلابه. لذلك، علمتُ من طلابي، أن رمضان في قطر، هو التزام يستحضره الجميع، من البالغين والشباب والمراهقين والأطفال. حيث يعيش الناس في قطر ويتنفسون الإسلام، الذي يشكل فيه صوم شهر رمضان ركناً رئيسياً.

رمضان في قطر : فرصة للإلتزام والتفاني

 يعتقد البعض منا في الغرب أن تقاليد رمضان غريبة ومتطلباته عديدة. لكن ما رأيته، في السنوات الأربع التي قضيتُها هنا، هو أن القطريين يرون فيه وقتاً للبركة والالتزام والتفاني، وهو كذلك وقت سعادة وفرح. بالنسبة لي وللمغتربين الآخرين، تُشع هذه السعادة وتمتد لتغمرنا بنفحاتها.

في البداية، واجهتُ -مثل الكثير من المغتربين- صدمة ثقافيّة، عندما لاحظة كل هذا الإهتمام برمضان من مظاهر الإحتفال به  والسعادة التي تعيشها الأسر المسلمة، ومقدار الفرح والرضا الظاهر على وجوه الناس خلال أيام الصيام. وأعتقد أن أعظم صدمة بالنسبة لي، هي رؤية المراهقين والطلاب الأصغر سناً في مدرستي يصومون طوال اليوم، مع التزامهم بالجهد المبذول منهم في الدراسة. كنتُ ومازلتُ مندهشةً بتفاني هؤلاء الشباب والتزامهم بدينهم وثقافتهم.

أعتقد أن رمضان في قطر تجربة رائعة ومذهلة وتذكيرٌ بأن عالمنا في القرن الحادي والعشرين هو قريةٌ صغيرة، علينا فيها أن نستمتع بمخالطة الثقافات الأخرى في أي بقعةٍ وُجِدنا فيها.

 جانيت أيولا أولومو – معلمة انجليزية مقيمة في قطر

ملاحظة: يعبر المقال عن رأي الكاتب ولا يعكس بالضرورة وجهة نظر قطر الخيرية.

مواضيع ذات صلة

تعليقات

اترك أول تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.