فضل بناء المساجد عند الله تعالى

2023-03-06

يظل بناء المساجد من أكثر المسائل التي يُقبل عليها الناس خاصة خلال مواسم الخير مثل شهر رمضان المبارك. فهذا فاعل خير يرغب في بناء مسجد وإعماره، وذاك يرغب في المساهمة في رعايته بالصيانة وتوفير الوسائل، لما في ذلك من نفعٍ عظيم على المتصدق طلباً للأجر والثواب وعلى المجتمع المسلم الذي يُعتبر المسجد فيه ركيزة مهمة لضبط مختلف جوانبه. وحتى نحفز عزيمة المؤمنين على الإقدام على هذا العمل الجليل، دعونا ننطلق من التساؤل الجوهري: ما هو أجر من بنى مسجدا يبتغي به وجه الله ؟



1- بناء المساجد اقتداء بهدي نبينا عليه الصلاة والسلام

إن أول عمل قام به رسول الله عليه أفضل الصلوات وأزكى التسلم، بعد أن دخل “قباء” وهو أنه بنى فيها مسجداً قبل أن يكمل طريقه إلى المدينة. وبعد أن أقام فيها أياماً سار إلى المدينةِ، فأدركتْه صلاةُ الجمعة في بني سالم بن عوف، فبنى مسجداً هناك. وعندما وصل إلى المدينة كان أول عمل يقوم به هو بناء مسجده، بل شارك عليه الصلاة والسلام بنفسه في البناء.

فهذا من أكبر الدلائل على المكانة المهمة للمساجد من الناحية التعبدية والاجتماعية في حياة المسلمين. يقول تعالى: (فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّـهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ) [النور: 36]. فعلاقتهم بالمسجد لا تنقضي بانتهاء الصلاة، بل هو المكان الذي يستمدون منهم طاقتهم الروحية، لينطلقوا بعد ذلك في القيام بواجبهم الاجتماعي والإنساني، فتأتي رسالة المسجد كصورة مصغرة عن رسالة الإسلام.

2- دليل على صحة إيمان المسلم

ودليل فضل بناء المساجد عند الله تعالى أنه أثنى سبحانه على من يعمر مساجده فقال: (إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ) [التوبة:18].

وقد فسَّر الإمام القرطبي قوله تعالى “إنما يعمر مساجد الله” بقوله أنه دليل على أن الشهادة لعمار المساجد بالإيمان صحيحة؛ لأن الله سبحانه ربطه بها وأخبر عنه بملازمتها، وقد قال بعض السلف: “إذا رأيتم الرجل يعمر المسجد فحسنوا به الظن”

وإن من بناء وعمارة المساجد إقامتها، وترميمها وتعاهدها وصيانتها. كما أن من فضل الإنفاق على المساجد وتعميرها والمساهمة في استمرارها وبنائها ما ورد عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ بَنَى مَسْجِدًا لِلَّهِ كَمَفْحَصِ قَطَاةٍ أَوْ أَصْغَرَ بَنَى اللَّهُ لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ» (رواه ابن ماجه وصححه الألباني).



3- ثواب بناء مسجد: بُشرى بالجنة

من بنى مسجدا لله يبتغي به وجه الله مبشر له بالجنة. بل أن أهل العلم قالوا أنه حتى من ليس في مقدوره تحمل تكاليف بناء مسجد لوحده، فعليه أن يساهم في بنائه بقدر ما يستطيع، بل أن يحاول ما استطاع أن يرتب مكانًا للناس لأداء فرائضهم، فيشمله الوعد بإذن الله تعالى، على قدر استطاعته، لكن بشرط الإخلاص لله تعالى.

ما هو أجر من بنى مسجدا يبتغي به وجه الله؟ سؤال يكرره المسلمون باستمرار. والإجابة تأتي مباشرة من سيد الخلق عليه أفضل الصلاة والسلام. فقد روى مسلم عن محمود بن لبيد أن عثمان بن عفان أراد بناء مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم، فكره الناس ذلك وأحبو أن يدعه على هيئته التي كان عليها في زمن النبي عليه الصلاة والسلام. فقال عثمان رضي الله عنه: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (مَنْ بَنَى مَسْجِدًا لِلَّهِ بَنَى اللَّهُ لَهُ فِي الْجَنَّةِ مِثْلَهُ)). قال ابن حجر: فِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى دُخُولِ فَاعِلِ ذَلِكَ الْجَنَّةَ، إِذْ الْمَقْصُودُ بِالْبِنَاءِ لَهُ أَنْ يَسْكُنَهُ، وَهُوَ لَا يَسْكُنُهُ إِلَّا بَعْدَ الدُّخُولِ.

كما أنه قوله (مسجدًا) منكرًا فيه بشارة أخرى لمن لا يتمكن من بناء المسجد بمفرده، فالتنكير فيه لِلشُّيُوعِ؛ فيدخل في معنى “بنى الله في الجنة مثله” كل من ساهم في بناءه كبيراً أو صغيراً غنياً أو فقيراً.

4- بناء مسجد صدقة جارية في ثواب الميت

فلا شد أن بناء المساجد وعمارتها هو من أعمال الصدقة الجارية التي يجري أجرها للعبد بعد ما ينقطع عمله بالموت.

فقد أخرج مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: (ِذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثَةٍ، إِلَّا مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ).

كما روى البزار من حديث أنس مالك مرفوعا: (سبع يجري للعبد أجرها بعد موته وهو في قبره، من علم علمًا، أو أجرى نهرًا، أو حفر بئرًا، أو غرس نخلاً، أو بنى مسجدًا، أو ورث مصحفًا، أو ترك ولدًا يستغفر له بعد موته). (حسنه الألباني في صحيح الجامع).

مواضيع ذات صلة

تعليقات

  • السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    يوجد لدينا مسجد فى القرية ونريد تطويره او اعادة بناءه
    المكان متبرع به الارض ومبنى من فترة كبيره بالجهودالذاتية وتابع للاقاف المصرية
    يوجد فى كتلة سكنية كبيره وعلى طريق رئيسى الى المقابر الرئيسية فى القرية
    نحن نتكفل بتخليص جميع الاوراق المطلوبة من الاوقاف
    وجزاكم الله خيرا .

    • شكرا لك على تواصلك.

      بداية أخي عليك أن تبحث إن كان هناك مكتب لقطر الخيرية في البلد أو المنطقة التي تعيش فيها.

      أو يمكنك التواصل معنا على الرقم: (+974) 44667711

  • استفدت جيدافي هذاالنص.

اترك تعليقك