حين يشتد المرض على الإنسان، ويعجز الطب عن تقديم الحل، يبقى باب السماء مفتوحًا. الدعاء، والصدقة، والتقرب إلى الله، كلها وسائل روحية عظيمة يلجأ إليها المؤمن طلبًا للشفاء. في هذا المقال، نستعرض كيف تكون الصدقة سببًا في رفع البلاء، ونتناول قصصًا واقعية من تراثنا الإسلامي، ونوضح الطرق التي يمكن بها التصدق بنية الشفاء.
في مقال “الصدقة والشفاء من المرض” ستتعرف على:
الأصل في العبد المؤمن المبتلى بالمرض في جسده أو في أحد من أهله – بعد الأخذ بأسباب العلاج – هو أن يدعو الله بالشفاء، فهو أقرب الأبواب إلى ذلك. فالله بيده النفع والضر، والشافي الذي يجيب دعوة المضطر والمكروب. لكن يبقى التقرب إلى الله بالصدقات من أحب الأعمال التي يُرجى من ورائها الشفاء من المرض. لقوله صلى الله عليه وسلم: “داووا مرضاكم بالصدقة”. [حسنه الألباني في صحيح الجامع الصغير].
ما هي فوائد الصدقة للمريض؟
سبق أن ذكرنا في مقال سابق حول فوائد الصدقة الكثيرة التي ينتقع بها المؤمن في دنياه وآخرت. منها أن الصدقة تدفع عن المؤمن أنواعاً من البلاء في الدنيا. فقد روى البيهقي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “باكروا بالصدقة فإن البلاء لا يتخطّى الصدقة” [رواه البيهقي].
فالمرض هو أحد أنواع البلاء التي يصاب بها العبد. فمن أثر تعجيل المؤمن بالصدقة هي أن تحفظه من المرض بإذن الله.
هل للصدقة علاقة بالشفاء من المرض؟
المرض نوع من البلاء، والصدقة تدفع البلاء كما جاء في حديث البيهقي: “باكروا بالصدقة فإن البلاء لا يتخطّى الصدقة”.
ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: “داووا مرضاكم بالصدقة”، وهو حديث حسن كما ذكر الألباني في “صحيح الجامع”.
الصدقة تُعد من أحب الأعمال إلى الله، وهي وسيلة للتقرب إليه في وقت الشدة.

قصتي مع الصدقة والشفاء
كثيراً ما نسمع في أيامنا عن أناس شفوا من أمراض خطيرة وعلل كثيرة بفضل صدقات أقدموا على فعلها بنية الشفاء. لكن نستدل في مقالنا هذا بقصتين عن سلفنا الصالح، ذكرها الإمام البيهقي رحمه الله.
فقد جاء في شُعب الإيمان للبيهقي رحمه الله، أن رجلاً جاء إلى عبد الله بن المبارك العالم الفقيه وسأله الرجل “يا أبا عبد الرحمن قرحة خرجت في ركبتي منذ سبع سنين وقد عالجت بأنواع العلاج وسألت الأطباء فلم أنتفع به”. فقال ابن المبارك: “اذهب فانظر موضعا يحتاج الناس إلى الماء فاحفر هناك بئرا. فإني أرجو أن تنبع هناك عين ويمسك عنك الدم”. ففعل الرجل ما أوصاه به بن المبارك فشفي من المرض.
كما ذكر البيهقي كذلك قصة الحاكم أبي عبد الله أنه قصد أحد الأئمة ليطلب منه الدعاء له في مجلسه يوم الجمعة بنية الشفاء من مرض قرحة أصابت وجهه. فدعا له وأكثر الناس التأمين.
فلما كانت الجمعة الأخرى. جاءت امرأة قالت أنها عادت إلى بيتها واجتهدت في الدعاء للحاكم أبي عبد الله في تلك الليلة. فرأت في منامها رسول الله صلى الله عليه وسلم كأنه يقول لها: قولوا لأبي عبد الله يوسع الماء على المسلمين. فما كان من الحاكم أبي عبد الله إلا أن أمر بسقاية الماء. وأخذ الناس في الماء فما مر عليه أسبوع حتى ظهر الشفاء وزالت تلك القروح وعاد وجهه إلى أحسن ما كان.

الصدقة بنية الشفاء
يوجهنا ديننا الحنيف إلى اتخاذ سبل العلاج الطبية والعلاجية، من سؤال الطبيب المختص وإجراء الفحوصات اللازمة وتناول الأدوية التي يصفها لنا الطبيب، ثم أمرنا بالدعاء له والتقرب إليه بالصدقات طلباً للشفاء.
فقد جاء في الآية الكريمة: [وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ] (الشعراء – 80). فالله سبحانه وتعالى هو الشافي والمعافي. والمسلم، مثل سائر البشر، مُبتلى بمِحنٍ شتى منها محنة المرض سواء في نفسه أو في أحد من ذويه. لأن الله سبحانه وتعالى يريد من العبد أن يتعلق به سبحانه ويرجع إليه ليطلب منه العون والشفاء.
كيف يتعامل المسلم مع المرض؟
- يستشهد بالآية: “وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ” (الشعراء – 80).
 - يأخذ بالأسباب الطبية: زيارة الطبيب، إجراء الفحوصات، تناول العلاج.
 - يدعو الله بالشفاء، ويُكثر من الصدقة بنية رفع البلاء.
 
طرق الصدقة عن المريض
أجاز العلماء الصدقة عن المريض للشفاء من أي مرض سواء كان مرضاً بسيطاً أو مزمناً ومستعصياً. فالأمر في أوله وآخر لله. يقول عليه الصلاة والسلام: (مَا أَنْزَلَ اللَّهُ دَاءً إِلَّا قَدْ أَنْزَلَ لَهُ شِفَاءً، عَلِمَهُ مَنْ عَلِمَهُ وَجَهِلَهُ مَنْ جَهِلَهُ) (رواه أحمد).
وليس شرطاً أن تكون الصدقة مبلغاً كبيراً، بل بحسب حال المتصدق واستطاعته مع الرغبة الصادقة في مساعدة الفقراء والمساكين.
فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (سَبَقَ دِرْهَمٌ مِائَةَ أَلْفِ دِرْهَمٍ) قالوا: وكيف؟ قال عليه الصلاة والسلام (كَانَ لِرَجُلٍ دِرْهَمَانِ تَصَدَّقَ بِأَحَدِهِمَا، وَانْطَلَقَ رَجُلٌ إِلَى عُرْضِ مَالِهِ فَأَخَذَ مِنْهُ مِائَةَ أَلْفِ دِرْهَمٍ فَتَصَدَّقَ بِهَا) (رواه النسائي وحسنه الألباني).
ما هي طرق التصدق عن المريض؟
- التصدق بمبلغ بسيط حسب الاستطاعة، فليس شرطًا أن تكون الصدقة كبيرة.
 - التصدق اليومي، خاصة في رمضان، لما فيه من مضاعفة للأجر.
 - التصدق بالماء، كحفر بئر أو تجهيز مسجد.
 - التصدق في يوم الجمعة، مع الدعاء في ساعته المباركة.
 
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “سبق درهم مائة ألف درهم”، أي أن الصدقة القليلة من فقير قد تكون أعظم أجرًا من صدقة الغني.
هل الصدقة ترفع البلاء عن أهل المريض أيضًا؟
المسلم يُبتلى في نفسه أو في أهله، والصدقة باب للرحمة والشفاء للجميع.
نعم، الصدقة يمكن أن تكون بنية رفع البلاء عن أحد أفراد الأسرة.
دعوة للتفاعل
إذا كنت تعرف شخصًا يعاني من مرض، أو تمر بظرف صحي صعب، فاجعل الصدقة جزءًا من رحلتك نحو الشفاء. شارك هذا المقال مع من تحب، وابدأ بخطوة بسيطة: سقيا ماء، دعم أسرة محتاجة، أو صدقة سرية بنية الشفاء. فالله هو الشافي، والصدقة من أعظم أبواب الرجاء.











