كيف تغيّرت حياة لاجئين عاشوا بلا صرف صحي لأربعة عقود؟

2025-09-15

في مخيم “سورخاب” بمنطقة “بيشين” في إقليم بلوشستان الباكستاني، عاش آلاف اللاجئين الأفغان لأكثر من أربعة عقود في ظروف قاسية، بلا مياه نظيفة أو صرف صحي.



كانت الأمراض تنتشر، والخصوصية مفقودة، والكرامة تُنتزع يومًا بعد يوم. لكن في عام 2023، بدأت قصة جديدة، عنوانها: “الكرامة تعود من جديد”، بفضل تدخل إنساني مشترك بين قطر الخيرية واليونيسف.

عاش اللاجئون الأفغان في مخيم “سورخاب”، في معاناة مزدوجة: النزوح من جهة، وانعدام الصرف الصحي من جهة أخرى. أما اليوم، فقد انقلبت تلك المعاناة إلى قصة صمود وأمل، بعدما تمكن قرابة 30 ألف لاجئاً في 14 قرية من إنهاء ظاهرة انعدام دورات المياه في مجتمعاتهم.

وقد شكّل ذلك ثورة إنسانية أعادت الكرامة لهم، وضمنت حقهم في بيئة آمنة وصحية، نتيجة شراكة استراتيجية بين قطر الخيرية واليونيسف ضمن المرحلة الأولى من برنامج الاستجابة للاجئين، مما يعكس التزامًا راسخًا بتحسين حياة المجتمعات الضعيفة.

لماذا كان الوضع الصحي في مخيم سورخاب مأساويًا؟

تأسس المخيم عام 1979 بعد الغزو السوفييتي لأفغانستان، ومنذ ذلك الحين، عاش سكانه في بيئة تفتقر لأبسط مقومات الحياة.

غياب الصرف الصحي والمياه النظيفة جعل الأمراض مثل الكوليرا، الإسهال، والتيفوئيد واقعًا يوميًا، خصوصًا بين الأطفال والنساء.

قال مدير منطقة بيشين، زكريا دُرّاني:

“كان هذا المخيم بؤرة لأمراض سببها غياب الصرف الصحي والمياه النظيفة. أحدث تدخل قطر الخيرية تغييراً جذرياً، خصوصاً بين الفئات الأكثر احتياجاً.”

المجتمع في صميم الحل

انطلقت المبادرة بمشروع شامل للمياه والصرف الصحي والنظافة ركّز على تغيير السلوكيات بقدر تركيزه على توفير المرافق، حيث تم تدريب 28 “ناشطاً مجتمعياً” من داخل المخيم، قاموا بزيارات منزلية لتثقيف الأسر حول أهمية النظافة وبناء دورات المياه، وتعزيز الشعور بالمسؤولية الجماعية.

كما أُقيمت أكثر من 3,000 جلسة توعوية، ترافقت مع حملات متنقلة، وأسبوع مجتمعي للنظافة، وتوزيع واسع لمستلزمات النظافة الشخصية.

كيف ساهم المجتمع المحلي في الحل؟

بدلًا من الاكتفاء بالبنية التحتية، ركّز المشروع على إشراك المجتمع في التغيير.
تم تدريب 28 ناشطًا مجتمعيًا من داخل المخيم، نفذوا زيارات منزلية لتوعية الأسر، ونقلوا رسالة النظافة كمسؤولية جماعية.

أبرز أنشطة التوعية المجتمعية

  • تنفيذ أكثر من 3,000 جلسة توعوية.
  • تنظيم حملات متنقلة داخل القرى.
  • إقامة أسبوع مجتمعي للنظافة.
  • توزيع واسع لمستلزمات النظافة الشخصية.

هذا النهج جعل السكان جزءًا من الحل، لا مجرد مستفيدين، وساهم في ترسيخ ثقافة النظافة والخصوصية.

الوصول إلى الأكثر ضعفاً

نظرًا للظروف الاقتصادية الصعبة، خاصة بين العائلات الكبيرة، تم توفير الدعم المادي والمواد الأخرى اللازمة لـ 800 أسرة لبناء دورات المياه.

انطباعات المستفيدين

تقول السيدة كلثوم البالغة من العمر 55 عاماً: “لسنوات طويلة، كنا نرى أطفالنا يمرضون وكبارنا يعانون. لم تكن هناك خصوصية أو أمان. أما اليوم، فقُرانا نظيفة، وأطفالنا أصحّاء، ولدينا أمل متجدد. الحمد لله،

إنها بداية جديدة. أما حكمت الله، وهو عامل يعول 14 فرداً، فيضيف: “المرض كان يحول بيني وبين العمل. الآن، أطفالي بصحة جيدة، ويمكنني إعالتهم دون خوف.”



ما الذي تغيّر بعد مشروع الصرف الصحي للاجئين الأفغان؟

تحوّلت المبادرة من مشروع صحي إلى حركة مجتمعية لاستعادة الكرامة والخصوصية.
في مخيم “سورخاب”، بات الأطفال يلعبون بأمان، واستعادت النساء خصوصيتهن، وتحلم الأسر بمستقبل أفضل.

أبرز نتائج المشروع

  • بناء دورات مياه لـ 800 أسرة.
  • تحسين الصحة العامة وتقليل الأمراض.
  • تعزيز الوعي المجتمعي بالنظافة.
  • إشراك السكان في الحلول المستدامة.

اعتراف رسمي

أشرفت لجنة متخصصة على متابعة تقدم المشروع، تضم ممثلين عن الحكومة المحلية، ومفوضية شؤون اللاجئين الأفغان، وأعضاء من المجتمع، وفريق قطر الخيرية. وبعد تحقيق المعايير، حصلت القرى على شهادة “القضاء على ظاهرة التبرُّزفي العراء”، تكريمًا لجهودها في تحقيق بيئة صحية ومستدامة.

وقال السيد زكريا دُرّاني، مدير منطقة بيشين: كان هذا المخيم بؤرة لأمراض سببها غياب الصرف الصحي والمياه النظيفة. أحدث تدخل قطر الخيرية تغييراً جذرياً، خصوصاً بين الفئات الأكثر احتياجاً. نشكرهم على جهودهم.”

المرحلة الثانية

منذ أبريل 2023، بدأت قطر الخيرية بتنفيذ المرحلة الثانية من المشروع، بتمويل من اليونيسف، في ست مناطق جديدة ببلوشستان، مستهدفة أكثر من 425 ألف شخص، من بينهم أكثر من 276 ألف لاجئ و150 ألف من سكان المجتمعات المضيفة.

مستقبل أفضل

ما بدأ كمبادرة صحية، تحوّل إلى حركة مجتمعية لاستعادة الكرامة والخصوصية؛ ففي مخيم “سورخاب”، بات الأطفال يلعبون بأمان، واستعادت النساء خصوصيتهن، وتحلم الأسر بمستقبل أفضل. وقد عاد إليهن الأمل، يرافقه النظافة، والصحة، والكرامة.

مجلة غراس, العدد 30

المقال منشور في العدد 32 من مجلة غراس

يمكنك تحميل نسختك الآن أو الإطلاع على مقالات أخرى من المجلة

مواضيع ذات صلة

تعليقات

اترك أول تعليق