في لحظات الضيق والابتلاء، يبحث الإنسان عن منفذ للنجاة، وعن وسيلة تردّ عنه البلاء وتمنحه الطمأنينة. وبينما تتعدد الأسباب الدنيوية، يبقى الإنفاق في سبيل الله من أعظم ما يُدفع به البلاء، ويُستجلب به الخير، ويُستعاد به العافية. فالصدقة ليست مجرد مال يُعطى، بل هي طاقة روحية، وعلاج نفسي، ووسيلة عملية لدفع المحن عن الفرد والمجتمع.
جدول المحتويات
تعج دنيا الناس بالابتلاءات والمحن التي تمر عليهم أفرادا وجماعات. وكم من المكدرات والضوائق والأمراض المستعصية التي تنغص عليهم حياتهم. لكن الله سبحانه وتعالى لم يترك شيئاً من ذلك إلا ووضع السبيل للمؤمنين كلما ضاقت الأرض بهم وضاقت عليهم أنفسهم. من ذلك فضل بذل المال والتصدق به لدفع البلاء.
لماذا تُعد الصدقة من أنجع وسائل دفع البلاء؟
تُشير النصوص القرآنية إلى أن الصدقة من أعظم الأعمال التي يُثاب عليها المسلم، وتُعدّ من خير ما يفعله الإنسان في دنياه. يقول الله تعالى:
“وَأَن تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ” (البقرة – 280)،
ويقول أيضًا:
“خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا” (التوبة – 103).
هذه الآيات تؤكد أن الصدقة ليست فقط تطهيرًا للمال، بل تطهير للبدن، ورفع للدرجات، وسبب في دفع البلاء. وقد أشار ابن القيم إلى أن تأثير الصدقة في دفع البلاء “عجيب، ولو كانت من فاجر أو من كافر”، وهو أمر مجرّب ومعروف عند الناس.
خير ما يفعله المسلم لدفع البلاء: الصدقة
يقول الله تعالى: (لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا) (النساء – 114).
فهذه الثلاث هي خير ما يفعله المرء في دنياه وينفعه في أخراه، لذلك جاء الحثّ الإلهي على القيام بها فقال سبحانه: (وَأَن تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ) (البقرة – 280).
فدلت الآية ألا خير في كثير مما يفعله الناس من أقوالهم وسلوكاتهم في حياتهم إلا ثلاث حالات، وذكر من تلك الثلاث بذل الصدقة
فالصدقة تنقي المال وتطهر البدن من الأمراض والعلل وترفع الدرجات والمنازل. يقول الله تعالى: (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ ۖ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) (التوبة – 103).

قصص واقعية تؤكد أثر الصدقة في الشفاء ودفع الضرر
يروي التاريخ الإسلامي والواقع المعاصر قصصًا مؤثرة عن أثر الصدقة في دفع البلاء، منها:
- قصة الرجل الذي شُفي من قرحة في ركبته بعد أن حفر بئرًا للفقراء، كما رواها ابن المبارك.
- أبو بكر الخبازي الذي عافاه الله من مرض خطير بعد أن تصدق بالبطيخ على الفقراء، فدعوا له، فاستجاب الله دعاءهم.
لا يمر عصر إلا ويحدثك من عاشوه بعجائب القصص عن الصدقة وفضلها وتأثيرها العجيب في دفع البلاء والشفاء من شتى أمراض للقلوب والأبدان.
يقول ابن القيم رحمه الله: “فإن للصدقة تأثيرا عجيبا في دفع أنواع البلاء ولو كانت من فاجر أو من ظالم بل من كافر فإن الله تعالى يدفع بها عنه أنواعا من البلاء وهذا أمر معلوم عند الناس خاصتهم وعامتهم وأهل الأرض كلهم مقرون به لأنهم جربوه”.
وروى البيهقي في الشُعب بسنده عن ابن المبارك؛ أن رجلا سأله: يا أبا عبد الرحمن! قرحةٌ خرجت في ركبتي منذ سبع سنين، وقد عالجتُ بأنواع العلاج، وسألتُ الأطباء فلم أنتفع به! فقال: اذهب فانظر موضعاً يحتاج الناس إلى الماء فاحفر هناك بئراً، فإني أرجو أن تنبع هناك عينٌ ويُمسك عنك الدم، ففعل الرجل، فبرأ.
وأبو بكر الخبّازي ممن عافاهم الله بسبب صدقة. يقول: مرضت مرضا خطرا، فرآني جارٌ لي صالح، فقال: استعمل قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «داووا مرضاكم بالصدقة»، وكان الوقت ضيفا، فاشتريت بطيخا كثيرا، واجتمع جماعة من الفقراء والصبيان، فأكلوا، ورفعوا أيديهم إلى الله عز وجل، ودعوا لي بالشفاء، فوالله ما أصبحتُ إلا وأنا في كل عافية من الله تبارك وتعالى.

كيف تعمل الصدقة على حماية المجتمعات من الفتن والمحن؟
فالإنفاق في سبيل الله يعمل عمله بإذن الله في دفع الضر عن الإنسان ورد المحن وإخماد نار الفتن وإبطال مخطط المفسدين ومكائدهم.
- الصدقة لا تقتصر على الفرد، بل تمتد آثارها إلى المجتمع بأكمله. فهي:
- تُساعد في بناء الثقة بين أفراد المجتمع، وتُعزز الاستقرار.
- تُسهم في تقوية الروابط الاجتماعية، وتعزيز روح التكافل.
- تُقلل من الفوارق الطبقية، وتُخفف من حدة الفقر.
فكم صرف الله تعالى من الابتلاءات عن البلدان وكم أذهب الله من الأمراض عن الأبدان وكم أفشل من العدوان.
فالله سبحانه وتعالى ذكر الصدقة وحث عليها وأكد على فعلها ورتب عليها ثواباً كبيراً وأجراً عظيماً، وهذا يعني علو مقام الصدقة وأهمية أثرها على الفرد المسلم والمجتمع الإسلامي ككل.











حمدي
أدعوا لأخي المريض تحت التنفس الإصطناعي بالشفاء بارك الله فيكم.