رائد العمل الإنساني وأيقونة مكافحة الفقر عبر العالم

2022-08-15

السيد فاضل حسن عابد من بين هذه الأسماء التي أصبحت علامة بارزة في مضمار العمل الإنساني. ومن النماذج المضيئة التي يحفل بها تاريخ الإنسانية، التي ضربت مثلا رائعا في تضميد جراحات الشعوب المقهورة وتخفيف الآمها. وكانت يدا حانية امتدت بالإحسان لذوي الحاجة والضعفاء والمساكين. فعكست وجها مشرقا لقيم التكافل والتواد والتراحم. وذهبت في سبيل ذلك مذاهب شتى، جهدا فرديا أو إنشاء مؤسسات تقوم برعاية المحتاجين وتهرع إلى المتضررين في أماكنهم لتقديم العون والإسناد. 



ويطلق على السيد فاضل حسن عابد لقب “أيقونة مكافحة الفقر في العالم”. كرس حياته لخدمة الإنسانية بمعناها الأوسع والأشمل وأسس أكبر منظمة خيرية غير حكومية في العالم، وهي منظمة “براك BRAC“، التي انصب اهتمامها في تنمية وتطوير التجمعات الريفية الفقيرة في بنغلادش، والمعروفة باسم “لجنة مساعدة إعادة التأهيل البنغلاديشية”.

نقطة التحول في تفكير فاضل حسن عابد

وُلِد السيد فاضل في 27 أبريل 1936 في قرية بانياشونغ، التي تقع في منطقة هابيجانج الحالية، سيلهيت، بنغلاديش. وبعد اجتيازه للمستوى المتوسط من كلية دكا عام 1954، غادر عابد المنزل في سن الثامنة عشرة لدراسة الهندسة المعمارية البحرية في جامعة جلاسكو في اسكتلندا.

عاد إلى وطنه عام 1968، لكن عام 1970 كان فارقاً في حياته. فقد ضرب إعصار عنيف منطقة بولا وأودى بحياة أكثر من 300 ألف شخص وتشريد الملايين. فكانت رؤية فاضل عابد الدمار وموتى الإعصار وما حل بالمنطقة من خراب، جعلته يعيد التفكير كليا في رؤيته لحياته المهنية. ومن تلك اللحظة بدأ مساره الإنساني.

منظمة “براك” التي غيرت حياة أكثر من 100 مليون شخص

أسس السيد فاضل (براك) في عام 1972، وهو في سن السادسة والثلاثين من عمره، مشروعاً صغيرا للإغاثة وإعادة التأهيل في شمال شرق بنغلاديش. يهدف لمساعدة الفقراء والمنكوبين من أبناء جلدته. وكان هدفه في البداية مكافحة الفقر المدقع وبناء المنازل للمنكوبين، وبناء بضع مئات من قوارب الصيد للصيادين. بالإضافة إلى افتتاح عدد من المراكز الطبية لعلاج المرضى. وبالفعل نجح عابد ومنظمته في تخفيف حدة الفقر والعوز.

يقول فضل حسن عابد إن الناس فقراء لأنهم لا حول لهم ولا قوة. ولكن في ظل الظروف المناسبة يمكنهم العمل بجد ليصبحوا وكلاء للتغيير. ومضى في هذا السبيل ليرفع الفقر عن كاهل الفقراء حتى يصبحوا أشخاصا فاعلين في مجتمعاتهم. كما دعا إلى إتاحة الفرصة لكل شخص لتحقيق تلك الإمكانات. لأن عدم المساواة والفقر تحديات معقدة يجب مهاجمتها من جبهات متعددة للقضاء عليها بشكل منهجي.

وخلال الـسنوات الطويلة الماضية، نمت منظمة “براك” لتصبح واحدة من أكثر المنظمات غير الحكومية فعالية في العالم. حيث لامست حياة أكثر من 100 مليون شخص في جميع أنحاء العالم. 

وهي مؤسسة فريدة من نوعها تشمل برامج التنمية والتمويل الأصغر والمؤسسات الاجتماعية.

كما أسس جامعة ومصرفا ومجموعة من الاستثمارات المتوافقة مع رسالتها وأهدافها. وتعمل حاليًا في 11 دولة في آسيا وإفريقيا. ولها مكاتب فرعية في الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة وهولندا.

22 ألف مدرة لتعليم الفقراء

توسعت المنظمة في تعليم الفقراء. فنجحت في إنشاء أكثر من 22 ألف مدرسة. كما افتتحت جامعة تحمل اسم المنظمة.

ويتمتع براك لتعليمي بخبرة 30 عامًا في العمل مع الحكومات وإدارة المدارس في المناطق المعرضة للنزاع. حيث يركز على إعداد الأطفال والشباب لتحقيق مستقبل أفضل. 

وفي الثمانينيات من القرن الماضي، بدأ حملة لخفض معدل الوفيات بين الأطفال في بنغلاديش. حيث قام بتعليم الأمهات كيفية التحصين، حيث تعلّمت أكثر من 14 مليون أم كيفية صنع محلول معالجة الجفاف عن طريق الفم بالملح والسكر والماء لمنع وفاة الأطفال بسبب الإسهال. وقد ساعد ذلك في خفض معدل الوفيات.

الجوائز والأوسمة

حصل باراك على عدد من الجوائز والأوسمة الوطنية والدولية، بما في ذلك جائزة (Laudato Si)، و”وسام الاستحقاق المدني الإسباني”، و”وسام توماس فرانسيس جونيور في الصحة العامة العالمية” وغيرها.

وفي عام 2009، تم تعيين فاضل حسن عابد قائداً فارسا لأفضل وسام القديس مايكل وسانت جورج من قبل التاج البريطاني، تقديراً لخدماته في الحد من الفقر في بنغلاديش وعلى الصعيد الدولي.

كان السيد فضل حسن عابد أول حائز على جائزة “وايز للتعليم” (التي أنشأتها مؤسسة قطر) في عام 2011 تقديراً لعمله في توفير التعليم الابتدائي الأساسي لبعض المجتمعات الأكثر فقراً في العالم، من أفغانستان إلى جنوب السودان.

وفي عامي 2014 و 2017، تم تسميته في قائمة مجلة فورتشون لأعظم 50 قائدًا في العالم.

وحصل على عدد من الدرجات الفخرية من جامعة برينستون (2014)، وجامعة أكسفورد (2009)، وجامعة كولومبيا (2008) وجامعة ييل (2007).

الوفاة

توفى السيد فاضل حسن عابد أيقونة مكافحة الفقر عام 2019 في موطنه بنغلاديش عن عمر يناهز 83 عاما بعد صراع مع المرض. وقد خلّف وراءه أعماله الاجتماعية والإنسانية والتنموية الهائلة. فضلاً عن منظمته BRAC التي تواصل عملها لصالح ملايين الأشخاص على مستوى العالم. إذ لا يزال حيا في قلوب الناس.


الصورة من المصدر.

المقال منشور في العدد 27 من مجلة غراس

يمكنك تحميل نسختك الآن أو الإطلاع على مقالات أخرى من المجلة

مواضيع ذات صلة

تعليقات

اترك أول تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.